همس .. التعبانين

همس .. التعبانين

الأحد، ٢٥ مارس ٢٠٠٧

هى دى الحقيقة


هى دى الحقيقة ..بنهرب منها ليه
الكل بقى مخنوق ولا عارف عايز ايه
بألف وش ووش فين وشنا الحقيقى
تايهين فى بلادنا واحنا أصحاب انجاز تاريخى
عايشين على ذكراه .. مع أنه مش بأدينا
يمكن كان ضربة حظ؟
طب أزاى؟ ومنين جه الهرم؟
لكن راح فين,وليه ما بيتكررش؟
عايشين فى فقر وجهل
فالحين فى الكدب وبس
كدبتنا عبيطة وخايبة
ماتخشش عقل الطفل
جعانين وفاضية جيوبنا
صايمين من غير رمضان مش بس اتنين وخميس
ولا سُنة عن الرسول
كله محصل بعده .. ده صيام من غير حسنات
لأنه من غير نية
ماليان نهش وغش..
وفرجة ع البنات
وسحوره من غير فول
وفطاره مش على تمر
أقولك .. أنسى الأمر
وفكر فى الستات
زيك زى غيرك وعيش على الآهات
آهات شباب تعبان
انسان مبقاش انسان
وحيد وسط أهله
غريب جوة أرضه
بياخد على قفاه
ويقول أضرب كمان

السبت، ١٠ مارس ٢٠٠٧

أفــــــراح


مجموعة قصص قصيرة (جداً) عن ( الأفراح ) والليالى الملاح

1
معـــازيــم


أنطلقت أبواق ( الكلاكسات ) بنغمة الفرح الشهيرة في تتابع مستمر غير متناغم تداخلت فيه الأصوات محدثة جلبة وضوضاء عارمة في أحد الشوارع الرئيسية الذي شهد سرباً من العديد من السيارات بمختلف أنواعها وقد التفت حول سيارة فخمة للغاية مليئة بالزهور الرقيقة يجلس بداخلها عريس وعروس في إنسجام رومانسي وقد حملت عيناهما كل مشاعر الحب والحنان في حين احتضن كفيهما في التصاق طالما اقسما أنه سيكون أبدي, وفي غمرة النغمة الشهيرة الصادرة من كلاكسات سيارات الأهل والأقارب والأصدقاء, تحمست أيدي العديد من قائدي السيارات التي لا تمت لموكب الفرح بصلة, ورغم ذلك شاركوا الموكب في إصدار نفس صوت النغمة الشهيرة مشاركين في الاحتفال بزفاف قلبين جديدين في عالم الحب, وفي فرحة عارمة التقت عين العروس بعين العريس قائلة له وقد شعرت أن روحها غادرت السيارة إلي السماء في صعود إلي عالم الفردوس" أنظر يا حبيبي..حتي الغرباء يشاركوننا الفرحة ويحتفلوا بزفافنا دون دعوة.. لقد شاركنا الرب في إلقاء تحياته وبركاته علي قلبينا هذه الليلة"

ثم أنهمرت دموعها ببطء شديد وقد أمتزجت بذلك المكياج اللامع علي عينيها فبدت حبات من اللؤلؤ سرعان ما امتدت يد العريس لالتقاطها قبل أن يضمها في رفق هامساً في أذنها " دموع الملائكة هذه لن يفهمها البشر الملتفين حول السيارة الآن..لا تدعي أحد يظن أنها دموع خلاف أو تشاجر..فالشامتين كثير" ثم غمز لها بعينه بمرح قائلاً " لقد وصلنا يا حبيبتي..هيا استعدي وأمنحي الجميع أحلي ابتسماتك وأجعليهم يشعروا أننا أسعد زوجان علي وجه الأرض" ثم أمسك يدها مشجعاً إياها وكلماته تزداد حماساً قائلاً " أمامنا الكثير من الرقص والحركة" وما أن خرج كلاهما حتي أرتفعت أصوات المزمار البلدي الشهيرة ممتزجة بأصوات الزغاريد التي جاءت من كل الحلوق وقد أتسعت الأفواه في منظر بهيج تلاقت فيه العيون , وتصافحت الأيادي, وأنهمرت القبلات من وإلي وعلي الجميع, وعندما ركزت عين العريس علي عروسته الجميلة التي بدت في ثوبها العاري حورية هبطت من السماء لتنير الأرض بعينيها وتنشر النسيم العطر المحمل بعبقها كانت حفنة من المشاعر المتناقضة ترتسم بكل معانيها في كافة العيون..
في هذا الشاب الوسيم صديق العريس الذي تعلقت عينيه علي العروس دون حتي أن يرمش جفنيه,وكأنه ينهل من جسدها وجمالها ويعبيء عروقه وأوردته.. في عيني ابنة خالة العروسة التي راحت تتأمل العريس في تحسر علي حظها العاثر الذي لم يرزقها بزوج مثله.. في عيني ابن عم العريس الذي ظل ينظر إلي ابنة عمة العروس بإعجاب شديد منتهزاً أي فرصة في الرقص مصطدماً بها ثم يعقب التخبط الرقيق بغمزة من عينيه..في عيني ذلك المراهق ابن صديقة والدة العريس الذي استطاع أن يأخذ رقم محمول تلك المراهقة التي امتلأ وجهها بالمكياج ابنة صديق والد العروس..وعندما ازداد الحماس في الرقص واندفعت معه الأجساد في حالة لا وعي من الحركة والتخبط أزدات الفرحة أكثر في كل العيون مع تلك الأجساد التي سقطت من عليها الأوشحة, وكشفت فساتين السهرة أكثر ما تستر
ومن بعيد راحت شلة من الشباب يتهامسون في خبث وأحدهم يقول في لهجة ذئب مفترس " أنظروا يا شباب هذه البنت (الجامدة) إنها بالفعل صاروخ بكل المقاييس " بينما يقول آخر وقد سلط نظره كله علي جزء معين في جسد أحد الفتايات " بل أنظروا إلي تلك القنبلة التي جاءت تطل فغطت علي الكل..إنها فينوس الفرح يا جماعة" وحين ألتقطت أذن أحدي الفتايات تلك الجملة التي جاءت بشكل فج وصوت عال وجدت نفسها تبذل أقصي ما لديها من طاقة فرغتها في الرقص والضحكات المجلجلة للفت أنظار الشباب تجاهها .. بينما كانت هناك شلة أخري من بعض جيران العريس والعروس لا يعرفوا بعضهم البعض لكنهم اشتركوا في النظر تجاه هدف واحد غير معلن, وقد ترقب كل منهم موعد الأقتراب منه..
البوفيه..
وانتهت الليلة والسعادة ترتسم بكل معانيها علي وجه الجميع باختلاف الأسباب وتوحد الدعوة التي دعوها جميعاً بصوت عال..
اللهم أكثر من الأفراح
.


2

دعوة مستجابة


ألتفت عيون معازيم فرح ( شادي ) و ( ريهام ) حول تلك الزفة الأنيقة لفرح (أمجد) و( شيماء ) وتابعونها بشغف وترقب بالرغم من أنهما لا يمتون إليهما بصلة إنتظاراً لنهايتها حتي تبدأ زفة (شادي) و(ريهام) في نفس الدار وفي شيء من المجاملة راح معازيم الفرحين يهنئون بعضهم البعض متباديلن كلمتين لا تتغيران ( ألف مبروك) و (ربنا يتمم بخير) وما أن أنتهت زفة (أمجد) و (شيماء) ودخلا قاعتيهما حتي جاء دور الزفاف - بتفاصيل مشابهة للزفة السابقة- علي (شادي) و(ريهام) لتنتهي بعد طول زغاريد وطبل وزمر زفتيهما ثم يدخلا بالمثل قاعتيهما..
وبعد وصلة من الرقص وكلمات الحب والتهنئة والقفشات المرحة أحياناً والسمجة أحيان أخري مرت الليلتان بسلام ليتزامن خروج كلا العروسين, وملحوظة كبيرة تلفت أنظار معازيم كلا الفرحين..لقد احتل الحزن ملامح (شادي) رغماً عنه وهو يبذل مجهود بدا واضحاً لمن حوله لإصطناع البسمة وهو يتأبط (ريهام) ودعوات الجميع بالرفاء والبنين تنهال علي مسامعيهما, في حين أثبتت (شيماء) إفتقارها التام لموهبة التمثيل حينما أرادت تمثيل دور العروس السعيدة و(شادى) يقبلها أمام الجميع في نهاية الحفل..
وفي غمار كواليس النميمة وال(وشوشة) التي تتناقل بين ألسنة المدعوين, فجأة ألتقت عيني (شادي) و(شيماء) وكل منهما يتأبط ذراع نصفه الأخر في تداخل بين زفتي نهاية الحفل اختلط خلاله المعازيم وفرقـتي الموسيقي, في صدفة غير مقصودة رتبها القدر..
وفي غمار ضحكات وقفشات المعازيم الذين وجدوا أنفسهم وسط فرحين في وقت واحد فأخذوا يصفقوا بالجملة لكلا العروسين, والضحكات تتردد علي هذا الموقف الطريف, وفي لافتة إنسانية نبيلة تبادل خلالها أهلى (شادي) و(ريهام) التهنئة مع أهلى (أمجد) و(شيماء) وتراقص المعازيم في بهجة وفرح كأنهم جميعا مدعوين فى فرح واحد, وسط كل هذا ظلت نظرات (شادي) و(شيماء) تحمل كل عبارات الدهشة والوجوم في حين تتسع عينيهما أكثر وأكثر وقد أنكرّت بكرة الذكريات وأنفرط عقد الحب الأول وراحت حباته تتساقط علي الأرض بين أقدام المعازيم وشريط يحمل كل أحداث الماضي راح يعمل في سرعة شديدة عارضاً كل سنوات الماضي بحلوه ومره في لحظات خاطفة أمتزجت فيها أمام عيني (شادي) و(شيماء) ضحكاتهم ودموعهم.. أحضانهم وفراقهم.. اللقاء والهجر.. العشق والعتاب..لكن ثمة مشهد واحد توقف عنده الشريط عاجزاً عن استكمال الدوران ليتوقف الكادر علي رجل عجوز تدلت تجاعيد وجهه في مشهد مثير ومعبر غاية التعبير عن أرذل العمر..رجل ذاع صيته بين أهل الحي بأنه مكشوف عنه الحجاب.. ذهبا إليه ذات يوم سوياً وقد تأبط كل منهما الأخر في جرأة مذهلة وهما اللذان تعودا علي اللقاء في السر بعيداً عن أعين الأهل والجيران,لكن من يبالي بكل هذا وهما ذاهبان إلي هذا الرجل المبارك مجاب الدعوة كما يؤكد الجميع , حتي أن شهرته فاقت نطاق سكنه لتنتشر خارج الحي ليجد الكهل العجوز نفسه مقصد المئات الذين يأتونه من كل حدب وصوب طالبين دعوته,غير أنه لم يكن يدعو سوي لأشخاص معينين وفق معيار خفي لم يستطع أحد تحديده, لكن كليهما (شادي) و(شيماء) كانا علي يقين أنه سيدعو لهما..لأن قلبيهما – كما كانا يشعران دائماً - قلبا ملاكين حتما سيجدا الطريق إلي الجنة رغماً عن أنوف البشر..وصلا إلي منزله البسيط.. دخلا عليه..قصا حكايتهما..نظر إليهما بعينين مغمضتين رغما عنه إذ سقط جفنيه عليهما كأم تحضن صغارها..سمة ابتسامة لم يفهما كنهها ترتسم علي شفتيه..يدعو لهما تلك الدعوة التي يشعران الآن أنها تتردد بقوة علي مسامع المعازيم " اللهم أجمعهما في ليلة فرح واحدة ثم أطب قلبيهما بالبهجة والسعادة"..خرجا من عنده وقد نبتت لهما أجنحة فراحا يرفرفان بسعادة فى سماء العشاق..توالت الظروف الصعبة والاختلاف في وجهات النظر ..ازدادت الفجوة بينهما وباتت هوة عميقة لم يجسر أحدهما علي القفز عبرها إلي الجانب الأخر..أنفصلا بكل أسف..ذهبا إلي الرجل يوم الوداع ليفسر لهما ما حدث..مات الرجل..لكن دعوته ظلت لغزاً رهيبا حاولا حله عبثاً قبل أن تأخذهما الأيام وتمحو مشاغل الحياة وسنة النسيان ما تبقي من مشاعر مرهفة وعواطف جياشة..أرتبط (شادي) ب(ريهام) ابنة خالته بعد إلحاح من والدته, بينما لم تجد (شيماء) ما يمنع من زواجها من (أمجد) زميلها في العمل رغم أنها لا تشعر به سوي أخ لها, لكنها لا تضمن أنها ستجد في مثل أخلاقه وإماكنياته إذا ما رفضته..واليوم,ها هما يجتمعان في ليلة فرح واحدة لكن ذراع كليهما وجد طرفاً أخر يتأبطه..أقتربا وسط تصفيق الجميع ..أمسكت يد (شادي) بيد (أمجد), وبالمثل (شيماء) و(ريهام) هاهم يصنعوا دائرة والمعازيم تدور حولها..هاهم يتراقصون في مرح..(أمجد) يهنيء (شادي) و(ريهام)..(شادي) يهنيء (أمجد) ثم يقترب من (ريهام) هامساً " اللهم أجمعهما في ليلة فرح واحدة" (شيماء) تبادله الهمس" ثم أطب قلبيهما بالبهجة والسعادة" (أمجد) يسمع الجملة فيقول بعفوية "لقد أجيبت الدعوة" ثم تعقب (ريهام) برقة " وهل هناك إجابة أفضل مما نحن فيه" ثم يردد المعازيم في حبور..
" اللهم أكثر من الأفراح "

3

هدية عزرائيل

حينما حاولت أمها أن تزغرد فعجزت أنفاسها الضعيفة المتقطعة أن تحمل صوت الزغرودة كان ذلك بمثابة الضوء الأخضر لعيني العروس (نادية) ابنة العشرين ربيعاً في إطلاق العنان لدموعها التي نزلت بطيئة ساخنة علي وجنتيها, حاملة كل معاني القهر والذل والحسرة علي ما آل إليه الحال بعد وفاة والدها,لتشاركها والدتها وشقيقتها الصغري نفس الدموع,بينما أمسك شقيقها الصغير شمعة وقد أعتلت وجهه ابتسامة بريئة لا يمكن أن تصدر سوي عن طفل صغير لا يدري عما يحدث شيئاً.. في حين جلجلت ضحكة مدوية من حلق الثري العربي البالغ من العمر 69 عاماً رغم سوء ما آل إليه الحال أيضاً بعد وفاة ابنه الأكبر بمرض السرطان !!
الزوج يصطحب (نادية) إلي المطار حيث موعد لسفر إلي بلاده وفي الطريق أنهمرت الذكريات..
تذكرت (نادية) مرض والدها الأخير الذي أتي علي كل مايملكه من حطام الدنيا الهزيل..تذكر الثري العربي مشاكله العديدة مع زوجاته الثلاث السابقات اللاتي أتهمنه بالبخل والشح..
شقيق (نادية) الصغير الذي ولد في سنوات والدها الأخيرة يحتاج إلي مصاريف المدرسة التي سيلتحق بها لأول مرة وما يستلزم من مصروفات جديدة جدت علي الأسرة البائسة..
ابنة الثري العربي تحتاج إلي تجهيزات الأثاث ومستلزمات المطبخ والأجهزة الكهربائية قبل زواجها من شاب فقير لرفض الكثير الارتباط بها بسبب والدها لكن والدها يراوغ..
والدة (نادية) تفاجأ بمرضها بالفشل الكلوي الذي يحتاج علي الأقل تكلفة شهرية 3 ألاف جنيه..الثري العربي يطلق أخر زوجاته لتلحق بطليقتيه السابقتين لأنه أراد الزواج من أخري أصغر وأجمل.. شقيقة(نادية) الصغري مهددة بالطرد من المعهد الخاص الذي تدرس به ولم تدفع مصاريفه الباهظة.. سمسار زواج من الأثرياء العرب يعرض علي (نادية) الزواج من ذلك الثري العربي الذي سيحل كل مشكلاتها هي وأسرتها..لم يمضي علي وفاة ابن الثري العربي سوي شهر ومع ذلك يبحث عن زوجة جديدة قائلاً أن الأعمار بيد الله..لم يمضي علي وفاة والد (نادية) سوي ثلاثة أشهر ومازالت ترتدي الأسود في حداد وحزن عميق وسط لطمات الحياة..(نادية) توافق علي الزواج بشرط وديعة بنكية بمبلغ محترم يكفل لأسرتها العيش في أمان..الزوج يوافق بشرط أن تذهب معه إلي بلاده دون أن تسأله عن موعد العودة..دموع تنهمر..ضحكات تجلجل.. الثري العربي يصطحب (نادية) في سيارة فخمة إلي المطار, وفي الطريق تنقلب السيارة في حادث بشع يقضي علي كل من بداخلها, وقد ارتسمت علي ملامح الجثث أعتي علامات الفزع باستثناء (نادية) التي ارتسمت أجمل وأرق ابتساماتها علي الأطلاق علي شفتيها الصغيرتين وقد حملت ملامحها رسالة أعلنتها لكل من رأي الجثث فيما بعد..
" والله إن للموت لأفراح
"

كنت هضرب بابا فقولت اكتب له احسن

جرب أن تقف أمام عشر شاشات عرض عملاقة,تعرض كل منهم مضمون مختلف تماماً..ماتش كورة ساخن من مباريات المونديال المشفرة..برنامج ديني لعمرو خالد يتكلم فيه عن وصف الجنة..قداس القيامة المجيدة بحضور البابا شنودة..فيلم عربي أبيض وأسود لفاتن حمامة وعمر الشريف..فيديو كليب لهيفاء وهبي..لقطات علمية مثيرة لأسرار الهرم الأكبر..فيلم كوميدي لجيم كاري..فيلم لعملية جراحية في قلب طفل لم يتجاوز الأربعة أشهر..برنامج شبابي يناقش وعي الشباب بالحياة الحزبية..أما الأخيرة فتعرض..أحم..أحم (اللي بالي بالك)..
هذا هو أنا يا والدي العزيز مع فارق بسيط..أن شاشات العرض المعروضة أمامي,أنا وكل شاب وفتاة مثلي أكبر بكثير من الرقم 10..إنها فاقت الألاف يا والدي,وأنا لازلت أقف مشدوهاً منبهراً بكل ما هو معروض,لأخرج في النهاية بمحصلة لا تساوي أكثر من صفر,وقد أصيب عقلي المسكين بسكتة دماغية وفقدت القدرة علي التركيزوالتمييز والاستفادة من أي مضمون معروض لأن كله بيغروش علي كله..تماما مثل الصعيدي الذي أنبهر بأضواء المدينة حينما جاء إليها لأول مرة فوقف مشدوهاً لا يعرف من أين يسير وظل في مكانه!!
أتذكر مباديء الخير والعدل والأخلاق والقيم والفضائل التي حاولت أن تزرعها فيّ منذ نعومة أظافري يا والدي الحبيب



حينما بسّطت الأمور لي بأسلوب سهل حتي أفهم فقلت لي هناك ملكين أحدهما علي كتفك اليمين يكتب ما تفعله من الحسنات والأخر علي كتفك الشمال يكتب ما تفعله من السيئات.. وقتها سألتك ببراءة يا أبي وقلت لك (يعني أيه حسنات؟) فقولت يعني حاجة حلوة تنفع بيها نفسك أوأهلك أو أي واحد من الناس..فسألتك مرة أخري ( يعني أيه سيئات؟) فقلت يعني حاجة وحشة تضر بيها نفسك أو أهلك أو أي واحد من الناس,وقبل أن أسألك كيف أفرق بينهما لمحت ذلك في عيناي وأجبتني أن الحلال بيّن والحرام بيّن لأن الله خلق في أنفسنا حاجة اسمها الفطرة,وهي قادرة علي التمييز بين الحسن والسيء..
أتعرف يا والدي؟؟.. لقد كنت أحب كتفي الأيمن وأضع عليه البرفان الجميل الذي كنت تستخدمه وتخبئه في دولابك مني حتي لا ألهو به..كنت أضع عليه الطعام حتي يأكل منه الملاك الطيب الذي يكتب حسناتي لعله يحبني مثلما أحبه,ويزود لي حبة حسنات من عنده فيكون الله مبسوط مني ومن حسناتي مثلما أخبرتني
..
أما كتفي الأيسر فكنت أخاف منه كثيرا,وأطبطب عليه إذا ما أخطأت وأظل أبكي وأبكي حتي لا يفتن عليّ لرب العباد ويخبره أني أخطأت فيزعل مني ويضعني في النار..كنت أتوسل إليه يا والدي وأقول له لا تفتن عليّ أرجوك..بابا أخبرني أن الفتنة أشد من القتل..والنبي يا عمو المسامح كريم وأخر مرة, مش هغلط تاني والله..لكني كنت أخطأ بعدها بدقائق فأعود للبكاء والتوسل..
أتذكُرحينما رأيتني ذات مرة يا والدي العزيز وأنا أبكي وأتوسل لكتفي الشمال فظللت تضحك وأنا أنظر إليك في دهشة واستغراب, فأخبرتني أن الله غفور رحيم؟..لقد أعطيتني الأمل يا والدي الحبيب حينما أخبرتني أن الله حتما سيعلم ما فعلت حتي ولو لم يخبره الملاك الموجود علي كتفي, لكنه يعلم جيدا في نفس الوقت أن البشر يخطئوا ويفعلوا السيئات أكثر من الحسنات لذا فقد جعل فعل الخير عليه عشر حسنات والله يضاعف لمن يشاء أما عمل الشر فعليه سيئة واحدة..ساعتها يا بابا حبيت ربنا جداً أكتر من الأول بكتير وعرفت أنه طيب ومش عايز يعذبنا,وقولت لك ببراءة يا بابا أنا نفسي أحضن ربنا أوي فلمحت في عينك دموع معرفتش سببها وقتها..
حتي الشيطان يا بابا حذرتني منه وطلبت مني ألا أصاحبه,أو ألعب معه,لأنه وحش وقليل الأدب,وتحدي ربنا ولما ماما حواء سمعت كلامه هي وبابا أدم ربنا طردهم من الجنةونزلوا الأرض, وعمري ما هطلع الجنة تاني غير لو بعدت عنه..
مازالت أذناي تتذكر نصحك لي بالصلاة يوم أن أتممت السابعة لأنها أول ما سيسألني عنها ربي يوم اللقاء,وأنها ستحميني من الفحشاء والمنكر والبغي..مازال جسدي يتذكر ضرباتك المبرحة حينما كنت أتكاسل عنها بعد أن أتممت العاشرة..
كنت بزعل أوي منك يا بابا لما تضربني, وأروح أشتكي لماما عشان تجيبلي حقي,وأتكلم في حقك بكام كلمة مش حلوة وأخلي ماما أحسن منك,وأفضل أمجد فيها عشان تتعاطف معايا لكنها كانت بتضربني هي كمان, مش بس كده,دي كمان كانت بتحكيلك اللي أنا قولته عليك..وفي الأخر تخلوني أطلع أنا الغلطان, وكمان تقولوا عليّ بقيت وحش وقليل الأدب,ولازم أسمع كلامكم عشان ربنا يحبني..

كنت بتفرج علي التليفزيون وأبقي مبسوط أوي لما أشوف توم وجيري وكابتن ماجد, وفجأة ألاقيك بتحول القناة عشان عايز تتفرج علي نشرة الأخبار اللي مش بفهم منها حاجة, ورغم إن أوقات كتير كانت النشرة بتكون لسه ماجتش بس أنت برضه بتحول الكارتون عشان عايزني أتفرج علي حاجة تانية مفيدة..لكن اللي كان بييجي قبل النشرة كان المسلسل العربي يا بابا..كان فيه البطل وحش وشرير وبيغلط في أهله ويعلي صوته عليهم, ويفضل يصرخ فيهم " أنا مبقتش صغير..أنا عارف مصلحتي" لكن أنا اتخدعت فيه وأفتكرته قوي وقولت عليه شاطر لأنه عرف يرد عليهم, وياخد حقه منهم, وللأسف يا بابا أنا ما شوفتش غير الحلقة دي, وما عرفتش إن في الحلقات اللي بعد كده البطل غلط وضاع وندم علي ما فعل,وحاول يرجع لكن أهله كانوا خلاص ماتوا وماعدش ينفع يسامحوه..وبدأت تحصل جوايا صراعات بين تفسير الشعراوي اللي كان بييجي كل جمعة وتقعد تتفرج عليه يا بابا وتقول لي " أسمع وأفهم ربنا بيقول أيه" وبين البطل اللي أتمرد علي أهله لأنه كبر وبقي عارف مصلحته..وكانت الصراعات بتزيد أكتر لما ييجي رمضان وأشوفك ماسك المصحف وعايز تختم القرآن وتنزل تصلي صلاة القيام في الجامع و تاخدني معاك بالعافية وأنا نفسي أتفرج علي فوازير شيريهان أو نيللي, أو ألف ليلة وليلة..كان نفسي تديني فرصة يا بابا أقرر واختار لكن أنت كنت بتكسفني لما تقوللي ربنا أحسن ولا اللي أنت عايز تتفرج عليه..
حتي لما لاقيت واحد صاحبي معاه شريط أغاني في المدرسة واستلفته منه مرة يا بابا عشان أشغله علي الكاسيت اللي عندنا,وطلّعت من الكاسيت شريط القرآن اللي كان بصوت الشيخ الطبلاوي, وحطيت شريط الأغاني لاقيتك بتقول أعمل واجبك وذاكر وبعدين أسمع براحتك, لكن ( الميس ) يا بابا كانت طالبة منا واجبات كتير وعاقبتنا أننا نكتب الدرس 5 مرات عشان كنا بنرغي في الحصة,عشان كده ماكانش في وقت أسمع الشريط, ولما صحيت من النوم تاني يوم الصبح قبل ما أروح المدرسة كنت عايز أجرب الشريط وأسمعه قبل ما أرجعه لصاحبي, وفوجئت بيك بتضربني وتقول حرام أبدأ اليوم بالأغاني بدل ما أسمع القرآن, وبدل ما ماما تطبطب عليّ زعقت لي وقالت لي " تستاهل عشان أنت غلطان "..
تعرف يا بابا لما روحت للمدرسة وحكيت اللي حصل لصاحبي اللي كنت مستلف منه الشريط؟؟ قعد يضحك عليّ وقال " أنا بابا عمره ما ضربني وبيسيبني أعمل اللي أنا عايزه عشان هو بيعتبرني راجل..لكن أنت أهلك بيعتبروك عيل" واتسكفت أوي من نفسي وأفتكرت البطل اللي زعق لأهله وصرخ فيهم أنه بقي راجل, بس لسه من جوايا مش قادر أعمل زيه, لكن في نفس الوقت ما بقتش أطبطب عل كتفي اليمين وأحط عليه البرفان زي الأول,ولا بقيت أعيط لكتفي الشمال وأخاف منه..مش عارف ليه..
ولما ظهرت ظاهرة الفيديو كليب يا بابا أنت قولت عليها هبل وابتذال وقلة أدب رغم إن البنات اللي فيها كان كتفهم بس اللي عريان وقتها,قبل ما تيجي واحدة عايزة تحط النقط فوق لحروف, ولما سألت الميس يا بابا " هو الفيديو كليب حرام ؟" ضحكت وقالت " لأ مش حرام لو أنت كنت كبير" ولما قولت لها " بس ده فيه حاجات بعيدة عن ربنا" قالت " ساعة لقلبك وساعة لربك" !!
حتي الميس يا بابا بتتفرج عليه وبتتريق عليّ إني لسه صغير..
كنت ما أعرفش حاجة عن عبدالحليم وأم كلثوم وكنت بحب اسمع عمرو دياب اللي كان لسه بيغني وقتها ما بلاش نتكلم في الماضي,وكنت بشوف قد أيه الناس بتتلم عليه, لما يظهر في أي مكان,والأضواء اللي بتنور حواليه,وأتمني أبقي في شهرته,وألبس نضارة سودا,وأمشي ببطء والناس بتصرخ حواليا وأنا النجم اللي الكل بيحبه ونفسهم يسلموا عليه..
وكله كان كوم ولما كنت بتفرج علي برنامج الكورة في الملعب كان كوم تاني ساعة ماعرفت إن مارادونا اللاعب الأرجنتيني أخد 15 مليون دولار عشان يتنقل من النادي اللي مش فاكر كان اسمه أيه للنادي التاني اللي برضه مش فاكر اسمه أيه, وبعدها حبيت ألعب كورة عشان أبقي مشهور وأخد فلوس كتير, ولما أنت شوفتني بلعب في الشارع ضربتني وقولت لي " أنت بقيت صايع وبتلعب في الشوارع..أنا هطلعك من المدرسة وأشغلك ميكانيكي"من غير حتي ما تديني فرصة أقول لك إن مدرستي مفيهاش حوش نلعب فيه,ولا أنا مشترك في نادي يا بابا..افتكرتني بقيت وحش وضربتني علي طول مع أني بحبك..مش كفاية إن كل الناس بتفكر بطريقة تفكير مختلفة عن طريقة تفكيرك سواء صحابي وأهاليهم وحتي الميس بتاعتي, وبيقولوا عليّ عيل صغيبر بسببك..مش كفاية خوفتني من الملاك اللي علي كتفي الشمال رغم إن محدش من صحابي وزملائي عارف عنه حاجة..ليه أنت كمان مش بتقول ساعة لقلبك وساعة لربك..ثم هو فين ده الشيطان اللي قولت عليه..أنا مش شايفه ولا مصدق حتي إن له وجود,وحتي لو موجود انا مش عبيط ومش هسمع كلامه..
ولأول مرة لاقيتني بصرخ فيك في الشارع قدام صحابي اللي بلعب معاهم,وأنت ضربتني قدامهم يا بابا " أنا مش صغير..أنا عارف مصلحتي..نزل أيدك وما تضربنييييييش"..
ساعتها أنت بصيت لي بذهول وكنت مش مصدق نفسك, وخدتني معاك للبيت وأنت مش قادر تمشي من الصدمة, ولما حكيت لماما ما صدقتكش وقالت لك " أبني ما يعملش كده" بس أنا صرخت فيها هي كمان " لأ أعمل..أنا مش صغير وعارف مصلحتي ي ي ي ي ي"..
ولما لاقيتك ساكت يابابا ومش عارف تنطق من الحزن عجبني الحال وعشت في الدور, وحسيت أني أنتصرت عليك أنت وماما‍‍‍‍!!
أنتصرت علي الناس اللي أنا أصلاً حتة منهم ومن غيرهم ماكانش هيبقي ليّ وجود..
أفتكرت أني كده عملت عليك شخصية وأني بقيت راجل فعلا ,وتاني يوم في المدرسة لاقيت كل صحابي بيستقبلوني باحتفال علي اللي عملته معاك في الشارع, وبدأت أدخل في مرحلة تانية جديدة يا بابا وأنت يا عيني نفسك تغيرني وتخليني أرجع زي ما كنت..مرحلة أني أنفذ اللي في دماغي وشايف أنه صح..وبقيت أرد عليك يا بابا أنت وماما الكلمة بكلمة, وتفضلوا تضربوني وأنا مش هاممني, وأروح المدرسة تاني يوم أحكي أني قوي وبستحمل الضرب وبرضه بعمل اللي في دماغي, حتي إن صحابي اللي كانوا بيتريقوا عليّ بقوا يقلدوني يا بابا..
ومع الأيام صحتك ضعفت أنت وماماوبقيتوا عاجزين أنكم تضربوني , وأنا كمان كبرت وبقيت زي الشحط, وبقي آخر حاجة ممكن تعملوها معايا أنكم تزعقوا وبس, وأنا برضه اللي في دماغي في دماغي, لأني بقيت كبير وعارف مصلحتي..
ومع الأيام يا بابا نسيت كلامك الجميل عن ربنا, وبطلت صلاة,وأقصي حاجة كنت بعملها أني أصلي الجمعة,وكمان كنت ببقي مخنوق أني نازل أصليها, وساعات كتير كنت بشغل إذاعة الأغاني وقت الخطبة عشان ما أسمعش الخطبة يا بابا..بعدت عن ربنا أوي يا بابا, وروحت في طريق تاني خالص غير اللي أنت رسمته ليّ..
بقيت أفضل الأغاني أكتر من القرآن, بس غصب عني يا بابا..أنا عمال أتصدم في الحياة,كل حاجة حلوة بتمناها بتضيع مني..الأحلام كلها بتموت..الإنسانة اللي حبيتها وأخلصت ليها, وحسيت أني عمري ما هقدر أعيش من غيرها,ضاعت مني لأن أهلها شايفني لسه عيل, زي ما أنت كنت بتقول عليّ يا بابا بالظبط,ولأول مرة أحس أني من ساعة ما سيبتك,وما بقتش اسمع كلامك فضلت محلك سر من غير أي تغيير أو تقدم,لدرجة إني لسه عيل ما كبرتش, وكمان قالوا أني مش هقدر أصرف عليها, وجوزوها لواحد غني لسه راجع من الخليج..وفضلت حاسس بالضياع والغدر والخيانة يا بابا

وعرفت بقيمتك,وفضلك عليّ, وأني عمري ما هتقدم غير برضاك عليّ وتوفيق ربنا ليا.
.
ساعتها بدأت أرجع تاني للصلاة والالتزام..رجعت للخوف من الكتف الشمال وحب الكتف اليمين..رجعت للقرآن الكريم بعد آذان الفجر..لكن برضه لسه جوايا حاجة انكسرت يا بابا..لسه حاسس بالضياع بكل معانيه, مش قادر أعيش من غيرها, مش قادر أتخيل أنها هتبقي في حضن واحد تاني..حتي ربنا يا بابا مكسوف منه..هقابله بأي وش بعد اللي عملته ده..أنا بعت كل حاجة حلوة يا بابا والتمن رخيص..
صحاب السوء كانوا عايزيني أشرب سجاير ومخدرات عشان أنسي وأودع الأحزان, وأعيش في سعادة ومزاج عالي, لكن ربنا اللي أنا تمردت علي أوامره,وبعدت عن طريقه خد بأيدي وهداني وأنقذني من السقوط في اللحظة الأخيرة,في الوقت اللي غيري بيسقط فيه بلا رجعة,و أنت وقفت جنبي وأدتني الأمل في رحمة ربنا والأمل في بكرة يا بابا.. ومع ذلك لسه مش قادر ارد لك الجميل..لسه بهرب من المواظبة علي الصلاة..بسمع أغاني وأنسي القرآن..بتفرج علي الفيديو كليب بتاع هيفاء وهبي ونانسي عجرم وإليسا وماريا وروبي,وبعشق صور كاميرون دياز ونيكول كيدمان وكيت وينسلت وميج رايان,وأتابع أخبار مشاهير الفن والرياضة وأحاول أعرف كل حاجة عنهم, وعمري ما فكرت أسمع درس ديني أعرف بيه سيرة الصحابة اللي ساندوا الدين وثبتوا أركانه في شتي أنحاء العالم
..
لما جيت لك يا بابا وعدتك أني هسمع كلامك وعمري ما هخالفك للأبد,وهبذل أقصي ما عندي عشان أبقي علي الصراط المستقيم وبوست أيدك وأيد ماما, لكن أنا فشلت أني أبقي زي ما أنت عايزني, وبدأت بعد فترة أكره قراراتك وأملّ من تفكيرك القديم,ورجعت تاني أقول أني كبرت ومابقتش صغير, وأنك من جيل غير جيلنا,لكن مع ذلك كنت بتأثر أوي لما أشوف دموع في عنيك مني أو نبرة ضعف بسببي..كنت بترمي في حضنك استسمحك وأنا بتقطع من جوايا علي اللي عملته, لأني مش إنسان وحش يابابا..والله العظيم أنا مش إنسان وحش..في جوايا حاجات كتير حلوة لكن مش عارف أظهرها..
تعرف يابابا أني في عز أخطائي وسيئاتي كان بييجي عليّ الليل وأفضل أبكي مع نفسي زي الصغار وأفضل أكلم ربناوأطلب منه ياخد بأيدي وأدعي من كل قلبي " يا رب ما تنسانيش حتي لو أنا نسيتك..يا رب أنت اللي عارف أنا جوايا خير قد أيه..أرحمني يا رب لو روحي اتقبضت مني وأنا في معصية" وأفضل أقسم أني من أول بكرة هبقي شخص جديد,لكن بمجرد ما ييجي الصبح برجع تاني زي ما كنت..
بس والله غصب عني يا رب..غصب عني يا بابا..كل ما أقرر أكون إنسان جديد تاخدني ملايين المغريات اللي حواليا لبحر الغلط والخطيئة,وأنا مجرد بشر,ضعيف,من لحم ,ودم,ومشاعر,وغريزة..لازم غصب عني أتأثر باللي بيحصل حواليا..بالظبط زي المثل اللي ضربته في بداية كلامي..قدامي ملايين شاشات العرض اللي بتعرض مضامين مختلفة وكله بيغروش علي كله..مش عارف أركز أنا مين وعايز أيه..الأبطال كتروا أوي يا بابا ومش عارف أبقي زي مين فيهم..مشاري راشد العفاسي,ولا أحمد عز,ولا سامي يوسف,ولا تامر حسني,ولا حتي أحمد الفيشاوي.. اسمع القرآن وأبكي وبعدها بثواني أشغل الأغاني وأرقص..أسرح بخيالي فأري نفسي نجم محبوب تلتمع من حوله الأضواء وترتمي عليه عشرات المعجبات,وتمضي يده ألاف الأوتوجرافات, بعدها أراني رئيس جمهورية يحكم بالعدل ويعطي كل ذي حق حقه, ولا استغل منصبي للتربح والاستفادة الشخصية..ثم أراني داعية يهدي البشر ويلتف حوله ألاف الملتزمين والملتزمات.. وفي الأخر خالص أقول مش عايز غير إنسانة أحبها وأعيش معاها في سعادة ونخلف بنين وبنات ,ولا نتمني سوي الستر والصحة,وفي النهاية مش بقدر أكون أي حاجة من كل دول لأن الحلم بقت بعيدة أوي حتي السهل منها..حتي كوابيسي يا بابا أختلفت وتشتت وتضاربت..مرة أجدني أسقط من ارتفاع عالي,ومرة أري أنني مقتول والناس ملتفة من حولي وأنا أصرخ فيهم أني لازلت حيا ولا أحد يسمعني..أحياناً أري أني فقدتك يا والدي الحبيب,وأنك فضلت تزعق ليّ وأنا ببجح معاك لغاية ما الأمور تدهورت وأنا ضربتك,وأنت ما استحملتش الصدمة ومت من الزعل.. مت غضبان عليّ وأنا أرتمي علي نعشك وأبكي وأبكي,وأبكي وأطلب منك السماح, لكن بلاجدوي والناس تنتزعني من فوق الصندوق الذي يحمل جسمانك علي باب القبر ويخرجوا جسدك ويهبطوا به لأسفل,وأنا وحيدا شريدا,عمال أصرخ..سامحني يا بابا..بحبك أوي يا بابا..وأحياناً أري والدلتي الحبيبة مريضة بمرض خطير يلتهم صحتها حتي تسقط من الألم والضعف, فأجري عليها واحتضنها وأطلب منها أن تتماسك فتنهض معي وهي تبتسم لي في وهن شديدكي تطمئنني ,وما أن أفرح بقيامها,حتي تسقط مرة أخري وعيناها تنظر للسماء وقد أسلمت روحها إلي ربها وأنا أصرخ أيضاً..
فاكر يا بابا لما لقيتني الساعة 3 الفجر بدخل عليك الأوضة, وأوقظك من النوم فجأة وأنااحتضنك بشدة أنت وأمي, والدموع تنهمر من عيني في ندم شديد وفضلت أحلف لك ساعتها أني مش هزعلك تاني؟ ..كان واحد من تلك الكوابيس المزعجة وظننت أني أفتقدتكما للأبد..
لم يعد لي موقف ثابت وبقيت حاسس أني لابس ملايين الأقنعة يا بابا,كل قناع متفصل علي مقاس سؤال معين من شخص معين , وبمجرد ما يتغير الشخص يتغير القناع وتتبدل الإجابة..في الجامع مع أصحابي الملتزمين بلبس قناع التدين والورع, في الشارع مع صحابي اللي علي الناصية بلبس قناع الروشنة والفساد, في الشغل قناع الوقار والاحترام,في البيت قناع التمرد والعصيان..واختلط عليّ الأمر ومبقتش عارف أنا مين فيهم, وكل ما أخلع قناع ألاقي تحتيه قناع,وأفضل أخلع وأخلع دون أن أصل لوجهي الحقيقي..
تاهت ملامحي الأساسية وأنطمست شخصيتي اللي ربنا خلقني عليها وسط ألاف الشخصيات اللي بمثلّها علي مسرح الحياة..
حتي لما قررت أكون إنسان طموح عشان أنجح وأثبت للكل أني مش فاشل, طموحي خدني لبعيد أوي يا بابا ومش قادر أعرف هل أنا بجتهد عشان نفسي ولا عشان ربنا والناس اللي هتحتاجني لما أكون إنسان ناجح ومسئول..
بس اللي عرفته كويس إن الدنيا بقت صعب أوي يا بابا والواسطة متحكمة في كل حاجة حوالينا ومحدش بيقتنع إن الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية,وكل مسئول أو حتي موظف صغير عايز يسمع كلمة باشا وبيه,وغيرها من ألفاظ التعظيم والتفخيم,ولازم تحسسه أنه أهم شخص في الدنيا,عشان يقضي لك مصلحتك..النفاق سيطر علي كل حاجة وكل مصلحة لازم يكون قصادها مصلحة,ومحدش بقي يعرف حد..
كان لازم أتعلم أبقي زي الناس بدل ما أضيع في الرجلين, ومن ساعة ما نافقت وتنازلت وأنا بنجح يا بابا رغم أنك بتؤكد لي أني بنزل وأنا مش حاسس..
طب أيه البديل يا بابا..أعمل أيه..أتوب أزاي وأنا كل شوية بغلط ومفيش فايدة..أشتغل أزاي وأنا لازم هنافق واتنازل,ده لو لاقيت شغل من أصله..أبعد عن البنات أزاي وكل بنت لابسة ما قل و(ضل) والأغراء بقي عيني عينك والمكياج والعدسات اللاصقة,والشعر السايح المصبوغ, بقوا سر اللعبة,حتي الحجاب مبقاش حجاب بالمعني المطلوب,وبصراحة البنات أحلوت أوي..أود أهلي وقرايبي وأصل الرحم أزاي والدنيا بقت مشاغل..أتابع أزاي الأحداث من حواليا إذا كنت لما بروح لبتاع الجرايد عشان أشتري جورنال محترم, غصب عني لازم أبص علي كام صورة مش ولابد في كام جورنال أصفر, ولما أفتح التليفزيون عشان أشوف نشرة الأخبار أو برنامج ديني,لازم صباعي اللي عايز قطعه يحول القنوات لغاية ما عيني تلمح أي كليب قليل الأدب أفضل أبص عليه شوية وفي الأخر أحوّل وانا بلعن السفالة والإباحية,وأقول بتقوي وورع اللهم أعفو عنا..
بقيت شايف نفسي يا بابا زي الممثل اللي عمال يلعب أدوار كتير بس تاه وسط الشخصيات اللي بيمثلها ومش عارف هو مين..هل أنا الشاب الثوري اللي رافض اللي بيحصل, ولا الشاب البايظ اللي ضاربها صارمة ومفيش في دماغي غير المتع والشهوات,ولا الشاب الملتزم اللي ندمان علي ماضيه,ولا الواد الروش خفيف الدم الليل مقضيها بين البينين شوية أرقص وأغني وأروح السينما وأخرج مع صحابي الولاد والبنات,وشوية أروح الجامع والجامعة وأحضر محاضراتي..
شايف نفسي بغرق يا بابا ومش قادر أنقذ نفسي,كل حاجة حواليا لا تبشر بالخير,أنا وكل الشباب اللي زيي فقدنا حق الحلم,حق الحب,حق الخيال..حقوقنا أتهضمت يابابا وضعنا وإحنا نفسنا ما نضعش..والله مش عايزين نضيع..وحياتك عندي يا بابا مش قصدنا حتي نبجح في أولياء أمورنا ونتمرد عليهم ونجادلهم كلمة بكلمة..أحنا بعدنا عنكم وعن البيت وبقي كل واحد يقعد في أوضته حاطط الهيدفون بتاعة الكمبيوتر علي ودنه ومشغل بلاي ليست فيها كل أنواع الأغاني ومطنش الدنيا وما فيها لأننا فشلنا في التواصل مع اللي حوالينا..فقدنا حلقة الوصل مع عالمنا..حسينا إننا بقينا أغراب والبلد مش بلدنا يا بابا..حتي بص دموعي مغرقة الورقة أزي..شوف خطي مهزوز بسبب أيدي اللي بترتعش أزاي..والله أنا غلبان يابابا رغم كل اللي عملته..عشان كده قررت أكتب كل اللي في نفسي في ورقة,وأسلمها لك عشان مبقتش قادر حتي إني أتكلم,وأول ما تقري الورقة دي هتلاقيني واقف قدامك نفسي ارتمي في حضنك,وأفضل أعيط يا بابا يا حبيبي.
لكن في النهاية كان كفاية عليّ أوي أني لما كتبت كل ده في ورقة وسلمتهالك عشان تقراها,قولت لي بتأثر وتعاطف " يابني كل ابن أدم خطاء وخير الخطائين التوابين" ولا تقل أنه لا أمل في التوبة لأن الله سبحانه وتعالي يقول " قل يا عبادي الذين أسرفوا علي أنفسهم لاتقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً" ثم تابعت بحنان بالغ " وإذا كنت قد يأست من خلع كل الأقنعة دون جدوي ,فهذه الورقة هي وجهك الحقيقي فتمسك به وإياك أن يهرب منك بعد أن وجدته, لأنه هو الذي سيصل بك لبر الأمان" واحتضنتني بشدة كما لم تفعل من قبل وأنت تقول وعيناك تلتمع بالدموع وقد تهدجت نبرات صوتك " ألف مبروك يابني..شد حيلك..اجتهد وهتبقي حاجة حتي لو كل اللي حواليك بيقول مفيش أمل لأن الله لايضيع أجر من أحسن عملاً..ولو أحلامك اتلوثت بحب الشهرة المزيفة والمجد اللي ما يفيدش غير نفسك هتلاقي إيمانك بالله هو المصفاة اللي هتصحح طموحاتك وخيالك"..
كان هذا اليوم هو البداية الحقيقية للإنسان الأصيل الضال داخلي..
وهذا ما حدث مع صاحب الألف وجه..
shiko_4u@hotmail.com

shiko_angel@yahoo.com

خطة صناعة دكر عربى




الرجالة بالذات ما ينفعش نستوردهم


خطة صناعة ( دكر عربي ) لمواجهة الأيام المقبلة








مبقاش في رجالة دلوقت خلاص..الرجالة ماتوا في الحرب!!"

إفيه شهير جداً,يستمد شهرته,من عبقريته المذهلة في الانتشار والتداول بين الناس,حتي أن ( الرجالة ) أصبحوا يرددوه أكثر من النساء.. وعلي الرغم من استفزازه المنطقي لكل رجل,وعلي الرغم من أن معظمنا يري نفسه ( راجل ) بحق وحقيقي,حتي لو أنعدمت الرجالة وماتوا كلهم في الحرب,فعلي الأقل مازال هو علي قيد الحياة,إلا أن الإفيه محبب جداً لمعظم هؤلاء ( الرجالة ) علي الرغم من نفيه للرجولة في هذا الزمان,وحتما وجدت فيه معظم النساء ضالتها,كمتنفس طبيعي يعبرن به عن ضيقهن,ومللهن من ذلك الشريك الأبدي اللصيق الذي لا غني عنه,رغم أنه (زي قلته)..
"مبقاش في رجالة دلوقت خلاص..الرجالة ماتوا في الحرب" !!
بالمثل تردد الأمة العربية نفس الإفيه تجاه الأوضاع الراهنة المخزية التي تنافست فيها آهات نانسي عجرم,وإليسا,وهيفاء وهبي مع صرخات الأطفال وبكاء وعويل الكهول والنساء,والتقت فيها دماء الشهداء الأبرار
في فلسطين,والعراق,ولبنان,وربنا يستر علي سوريا,ومين عارف (هيتلككوا) لمصر بحجة أيه؟؟..
الجمهور يقف صفين متضادين
..
صف يصفق ويشجع نجوم (سوبر ستار) و(ستار أكاديمي) و(ستار ميكر) ولا يتردد عن التضحية برصيده في إرسال الأس أم أس من أجل التصويت لنجمه المفضل,ولا يبخل بمئات الجنيهات أو ربما مئات الدولارات من أجل حضور حفلة شبابية بالهوت بادي والبنتاكور والهاف ستوماك وغيرهم مما قل وضل من ملابس تكشف أكثر ما تستر, تتراقص بها الفتايات والشباب علي أنغام النجم العالمي أو النجمة العالمية,ولا مانع من أن يفعل الجمهور والنجوم أي شيء وكل شيء من أجل الفن,حتي لو كان مهرجان عالمي للرقص لمناصرة الانتفاضة الفلسطينية,وطبيعي ألا يكون كلام هؤلاء سوي عن أحدث موبايل نزل جديد والأوبشن المتاحة فيه,ويا تري كاميرته الديجيتال فيها كام ميجا بيكسل وكارت الميموري بتاعه بيشيل قد أيه,وسيبك بقي من الجهاد والحرب,والوحدة العربية,وكلام الشعارات الفارغ ده لأنه ما بيأكلش عيش,وخلاص راحت عليه,وبعدين إحنا مش هنقول أكتر من اللي اتقال ومش هنعمل أكتر من اللي اتعمل,وكده كده ربنا هينصرنا علي اليهود زي ما القرآن بيقول,وقضيها الناس لبعضيها..
وصف يصب جام غضبه,واعتراضه عما يحدث في مظاهرات نواجه فيها أنفسنا,ونجاهد ضد ضباطنا وعساكرنا ونتبادل معهم الحرب بالعصيان والطوب,وننزف جميعاً دم عربي لا يحمل أي جنسية أخري تستحق أن تتمزق لأشلاء,ولا مانع من أن يتناحر هؤلاء المتحمسين بين أنفسهم,فيتهم أحدهم الآخر بالعلمانية,ويرد عليه الأخر بأنه متطرف دخيل علي الإسلام,لتنقلب المظاهرة في النهاية لشجار (منه فيه) والعدو الذي اجتمعنا ضده مازال يقف بعيداً عالياً ضحكاته الساخرة تجلجل حولنا لكننا لا نسمعها لأن أصواتنا علت وتعاظمت بالهتاف ضده وضد أنفسنا,لنخرج بمحصلة تحت الصفر نفسه..
وما بين الصفين يقف مجموعة من الشباب متفرقين مشتتين,لا يعرفوا إلي أي الصفين يجب أن ينضموا,شباب يحب الله عز وجل وتفيض أعينهم بالدمع إزاء ما آلت إليه الأوضاع,لكن أوضاعهم الشخصية تتدهور وتتهاوي لأسفل,فيقفوا عاجزين مكتوفي الأيدي,ويتسائلوا كيف ينصروا أخوانهم في الأمة العربية,إذا كانوا قد عجزوا عن نصرة أنفسهم..ولا مانع من أن تأخذهم شهواتهم ونزواتهم أحياناً في حزب الشيطان,فيحذوا حذو ملايين البشر الذين ألقوا الكتب السماوية بعيداً عن منهج حياتهم,وأخرجوا الله عز وجل من حساباتهم, لينهلوا من متع الحياة الدنيا,ثم يعودوا للبكاء والندم علي ما فعلوه في حق أنفسهم,وحق من يجب عليهم الإنضمام لهم ومناصرتهم,ليتسألوا في النهاية في حيرة وعجز " ماذا عسانا أن نفعل؟ "
( حاجة جديدة )
هيا بنا نفعل شيء مختلف لأول مرة..
هيا بنا نحاول أن نفكر في ورشة عمل هي الأولي من نوعها في تاريخ الأمة العربية..
ورشة عمل مليئة بالأفعال الشريفة والنبيلة,بعيدة عن الشعارات المستهلكة التي فقدت قيمتها,من كثرة ترديدها دون أن تضيف للواقع أي جديد..
ورشة عمل تهدف إلي صناعة ضرورية ,بل وتعد فرض عين علي الأمة سيحاسبنا الخالق علي التقصير فيها,وعدم صناعتها لأننا في أمس الحاجة إليها..
صناعة من نوع خاص لم نفكر في التجهيز لها رغم إنها أهم صناعة تنقصنا,وسنعجز حتماً عن استيرادها إذا ما تكاسلنا عن تصنيعها محلياً كالمعتاد,وحاولنا الاعتماد علي الآخرين لإمدادنا بها أيضاً كالمعتاد..
باختصار دعونا نتكلم عن صناعة ( دكر ) عربي بحق وحقيقي قادر علي المواجهة في الأيام القادمة!!
ولأنها صناعة جديدة,ولأننا لم نفكر فيها من قبل,فلا مانع من الدهشة,والتعجب,منها في البداية,ولا مانع من التحجج بأننا لا نعرف عن هذه الصناعة شيء,ولا ندري مقوماتها اللازمة.لكن دعوني أخبركم,أنها صناعة سهلة,وبسيطة,لأن الخالق عز وجل وضع في فطرتنا (الكتالوج) الخاص بها وجعل دمائنا العربية تفيض بها,وخلايانا تنتجها بحماس شديد,لكننا نحن من أجبرناها علي التوقف عن العمل,لسنوات طويلة مضت..
جربوا معي فقط أن نفتح ورشة العمل,ونبدأ في النقاش,وستتدافع المعاني والطموحات,وأليات العمل في عقولكم,وقلوبكم بصورة سيعجز اللسان عن وصفها,قبل أن يتم ترجمتها إلي أفعال تعيد إلينا الرجولة الحقيقية لا الرجولة الاسمية التي ندعيها
..
( بـسـم الله)
دعونا لا نتعلل بأن حكامنا العرب باعوا أحلامنا,وطموحاتنا,وملّكوها للعدوان بعد مزاد علني بين الأمم والأوطان,قدمت فيه كرامتنا مجاناً,لأننا ببساطة شديدة جديرين حقاً بحكامنا..
نعم نحن لا يليق أن يحكمنا سوي من نتبرأ منهم,ونستعر من حكمهم,لأن كل أمة جديرة بحاكمها أياً من كان رئيس,أو ملك,أو سلطان,حيث يختاره الله لهذه الأمة وفقاً لأفعالها,ونواياها,وسلوكها,ومحافظتها علي دينها..
كل أمة لا يعتلي عرش المُلك فيها إلا من تشابه مع الغالبية العظمي مع رعاياها,في الطموح والفكر,والعقل,والقلب,ومدي التنـزه أو الإنسياق وراء شهوات المال ولذات الذهب ومتعة النساء..
فالحاكم ليس إلا صورة جماعية للرعية.
فلنبدأ بأنفسنا,ونصحح الأوضاع التي لا ترضينا،وعندها ستتبدل الحكام من حولنا إما بإنصلاح حالهم,أو برحيلهم,ولن يتم ذلك إلا من خلال تنمية الوعي والثقافة,والقراءة,والمعرفة..
فلنقرأ كتب التاريخ,ونعرف من هم أعدائنا,وما هي أساليبهم,وأشهر حيلهم,وألاعيبهم,ولنتذكر كيف هزمونا,وكيف تلاعبوا بنا..لنتدبر أقوالهم وأفعالهم عبر التاريخ..لنرصد وعودهم التي وعدونا إياها,ومدي التزامهم بها..
لنثقف أنفسنا دينياً,ثقافة بناءة بعيداً عن التعصب,والتطرف,لنفهم ماذا يريد منا الخالق عز وجل,وما هي أوامره,ونواهيه,لأن كتب الله السماوية,بمثابة ( كتالوج ) به كيفية استعمال الحياة الدنيا لنحقق منها الاستخدام الأمثل..
فبدون علم وثقافة سنظل أمة كالعبيد تُساق كما تُساق الأغنام,لأننا لا نعرف ما لنا وما علينا..لا نعرف حقوقنا لنطالب بها,ولا نعرف واجباتنا لنؤديها
( الوحدة العربية )
في ألاف غرف الشات والمنتديات يجتمع ملايين الأخوة العرب,لكن فقط لنقل أشهر مقاطع البلوتوث,وأحدث النغمات,وتبادل صور مشاهير الفن والرياضة,والأبشع والأفظع حديثهم عن الجنس المليء بالإباحية,والشهوانية,وعلي الرغم من تواجد بعض المنتديات الهادفة,إلا أن نسبتها ضئيلة..
لنجتمع سويا علي النقاش بأسلوب متحضر,تتلاقي فيه العقول والقلوب,علي كلمة سواء..لنتبادل عبر البريد الألكتروني والماسنجر الأراء والأفكار..
دعونا نتراسل عبر الماسنجر والبريد الألكتروني,ونسمو في تراسلنا عما يغضب الخالق عز وجل,ونركز مناقشتنا وتراسلنا,في مناقشة الأوضاع الراهنة وسبل التغلب عليها..
لنوحد ( النيك نيم ) لنا عبر كل منتدياتنا وغرفة الدردشة,وكل المواقع,حتي يكون لكل منا شخصيته الشهيرة المعروف بها,فإذا ما عجزنا عن التلاقي علي أرض الواقع لنتكتفي علي الأقل بالتعارف والتلاقي عبر شبكة الأنترنت,ومن يدري,ربما جمعتنا الأيام والظروف,ويلتقي شيكو من مصر بـ ميدو من لبنان , وقطر الندي من سوريا بـ دموع الملائكة من السعودية,وبوعلاوي من قطر بـ زيدان من الجزائر..
كما أن السياحة تتطور باستمرار,وأصبحت فكرة التلاقي أسهل بكثير من الماضي..
باختصار دعونا نجمع شعوب عربية متحدة عبر شبكة الأنترنت تمهيدا لاتحادنا علي أرض الواقع.. دعونا نتضامن ونتحد,دون انتظار اتحاد قادتنا الذين أتفقوا ألا يتفقوا
..

(الإبداع)
بداخلنا كعرب طاقات إبداعية لا محدودة,في كل المجالات ,لكنها فقط ينقصها أن تجد من يكتشفها,ويصيغها كما ينبغي,حتي يضعها في نصابها الصحيح..حتما من حقنا أم نلقي باللوم علي حكوماتنا التي تدفن هذه الطاقات الإبداعية,وتضيعها سدي,وتسعي خلف باقي العقليات الأجنبية النابغة,وتدفع لها الملايين, في حين في الإمكان استغلال عقليات أبناء الوطن,وتوفير الملايين,وتحقيق المكاسب الخيالية,القادرة علي رفع أسهمنا العلمية في السماء,ووضعنا في مصاف الدول المتقدمة..
في الأدب..لدينا عشرات يفوقوا جابريل ماركيز,وديستوفيسكي والعقاد ونجيب محفوظ,ويوسف أدريس لكن أعمالهم لا تجد دار نشر تتحمس لها,وتنشرها..
لقد أصبحت الثقافة حكراً علي اسماء معينة لا تتغير أو تتبدل ,في زمن تم تسخير فيه الثقافة لصالح السلطة,والحل من وجهة نظري,أن نعود للماضي..المقاهي الثقافية ملتقي الموهوبين والمبدعين..الصالونات الثقافية..نشر أعمالنا الأدبية علي المواقع والمنتديات,والبلوجز الخاص بنا..
فليروج كل منا لنفسه ولأعماله..كم سنحتاج من وقت حتي نتعارف,ونشتهر.. شهر؟عام؟لا بأس من الصبر والمثابرة,فالعمل الجيد حتما ستلتف حوله العشرات التي لن تلبث أن تتحول لألاف,وقد تتحول بدورها لملايين..
ما المانع من تكوين جمعية في كل وطن لضحايا المواهب والإبداع!!
نعم يا أخواني وأخواتي..فهناك الملايين في الوطن العربي راحت مواهبهم وإبداعاتهم ضحية للسرقة من البعض,وراح البعض الأخر ضحية لليأس..
تعالوا نتخيل جمعية في مصر يشترك فيها الملايين من مؤلفي القصة وكتاب المسرح,والشعراء..سندعو أفاضل الكتاب والمبدعين ليحضروا ندواتنا ويتابعوا أعمالنا..سيقيمونا ويوجهونا,ونكوّن سوياً ورش عمل نضيف فيها لبعضنا البعض..
سيكتبوا عن الموهوب بحق منا,ويعدونا بأن يروجوا لنا من خلال إعطائنا جزء من صفحاتهم لنشر جزء من أعمالنا,أو الإشادة بمواهبنا ليتعرف علينا القراء..
سنذهب للنقاد ونعطيهم أعمالنا,ومطلب منهم أن ينتقدونا..بعضهم سيكون قاس..بعضهم سيلقي أعمالنا في سلة المهملات,لكن هناك حتما من سيهتم بنا ويكتب عنا..
سيجتمع مليون موهوب ويدفع كل منهم جنيه واحد فقط فنجد معنا مليون جنيه قادرة علي تجهيز دار نشر ملك لكل الموهوبين ..
مع الوقت وحبات العرق والدموع سنصل صدقوني,وبالمثل سيحدث ذلك في لبنان والسعودية والعراق والجزائر واليمن وقطر والكويت والإمارات والبحرين,وغيرهم من الدول العربية الشقيقة..
سنكوّن شبكة من جمعيات ضحايا المواهب والإبداع لتصبح مملكة انجوم الأدب والإبداع الذين يجمعه مشوار طويل من الكفاح والاجتهاد,ومعرفة مسبقة لن تسقط من ذاكرتهم قط ولنتذكر جميعاً أن يوحنا جوتنبرج عندما ابتكر ألة الطباعة لأول مرة في التاريخ في القرن الخامس عشر,استطاع أن يغير التاريخ بأكمله,ويحفظ كنوز العقل البشري,ومعارف لا غني عنها للإنسانية..
وبالمثل سنكون جمعيات لضحايا الرياضة..
سنذهب لمراكز الشباب ويتحد شباب أهل الحي الواحد ويتبرعوا بكل ما يملكون ولو بجنيه كما تعودنا أن نسمع في حملات الدعاية,ويذهبوا أيضا لرجال الأعمال والأثرياء,لإقناعهم بتمويل وتعمير مراكز الشباب القديمة البالية الغير صالحة لممارسة الرياضة,ومن ثمن التبرعات والمساهمات سنحولها إلي ملاعب جديرة بإفراز لاعبين محترفين يرفعوا الراية العربية,دون الحاجة لمدرب أجنبي,أو لاعب غير عربي ندفع فيه الملايين..
والأهم من هذا وذاك جمعيات للمخترعين,والباحثين,والموهوبين علمياً..
سننشر أفكارنا العلمية في شتي المواقع والمنتديات..
سنذهب لرجال الأعمال ونعرض عليهم ابتكاراتنا,وأفكارنا..
سنذهب لوزير الدولة للبحث العلمي إذا ما رفضت أكاديمية البحث العلمي إعطائنا براءة الاختراع التي تضمن لنا حقوقنا,وتؤكد أننا أول من أخترع وابتكر مثل هذا الاختراع..
سننشيء جمعية للمبتكرين,والمخترعين,يتلاقي فيها أبناء الوطن من النوابغ والعباقرة..
سنراسل الشركات العالمية,ونخبرها بما لدينا,وحتما ستقدر مجهودنا,تسعي للتعاقد معنا..
سندعو مشاهير العلماء في الوطن العربي لمتابعتنا..أساتذة الكيمياء والفيزياء والإتصالات والميكانيكا والكهرباءوالكمبيوتر,حتي الزراعة سنتطرق إليها..
وعلي شبكة الأنترنت,سنتراسل ونتعارف,وبالمثل أيضاً سيتم إنشاء جمعيات للمبتكرين والنوابغ في شتي أنحاء الوطن العربي,وبالمثل سنتعارف ونتحد وننهض بأوطاننا وأمتنا

وحتما هناك بين ملايين الشباب العربي من يستند علي ثروة جيدة لن يبخل بها عمن يحتاج إليها من أخوانه المبدعين والموهوبين..
حتما هناك مسئولين شرفاء,ولو كان عددهم قليل,سيحاولوا أن يساعدونا..
سنغزو الأسواق وننتشر بين الناس في القري والربوع والنجوع والحواري والأزقة,والميادين..سنصبح نجوم بين الناس يعرفونا ويتناقلون أخبارنا..
سنذهب للصحافة والتليفزيون ونعرض كل ما لدينا ونقول ما يحلو لنا..سيعترضونا..سيمنعونا..لكن هناك حتما من سيرحب بنا..فالقنوات الأرضية والفضائية تتنامي وتتضاعف كل ساعة..والصحف تنتشر وتتزايد باستمرار,ولا شك أن هناك من سيسعده أن يقدمنا ويكتب عنا..

( الشباب التعبان )
لماذا لا ننشيء جمعيات لتيسير الزواج علي غير القادرين..لماذ تركنا شبابنا يلهث خلف الفضائيات ونجوم السراب,ليشغل التفكير في الجنس معظم وقته ويسوقه نحو الضلال وتضييع الوقت والمال والصحة؟
سنواجه العنوسة والفقر,بإنشاء جمعية علي مستوي الوطن يشترك فيها كل من يرغب في الزواج,ولا يستطيع,حتي نقط الطريق علي مكاتب الزواج التي تنصب علي الكثير وتأخذ منهم رسوم باهظة..سيشترك في الجمعية كل من يبحث عن عروس أو تبحث عن عريس,أو من لديه شريك حياته لكنه يفتقر للإمكانات..
سنعمل تباديل وتوافيق بين رغبات وطلبات ومتطلبات الزواج,لنزوج أكبر قدر ممكن من الشباب والفتايات من خلال:
- تمويل الجمعية من خلال وجود أرقام حساب لصالحها تقبل أموال الزكاة من القادرين لأن المساهمة في تزويج الشباب والفتايات عمل عظيم عليه قدر عظيم من الثواب,ولا مانع من الإشراف عليها حكومياً,حتي تضمن الحكومة أن التبرعات تصل لمن يحاتجها,وبالمرة نخفف الحمل من علي كاهلها
- المساهمة من الشباب الثري ورجال الأعمال والمستثمرين في مساعدة المحتاجين
- التنسيق بين الجمعية والدولة لتوفير الأرض اللازمة والتجمعات السكنية الملائمة للشباب

( وقت الحرب)
يقول المولي عز وجل في كتابه الكريم " وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة "
لذا فعلينا الاهتمام برياضات الدفاع عن النفس,وكذلك الرماية,وكمال الأجسام,حتي يكون لدينا شباب قوي قادر علي تحمل المسئولية,وقت السلم والحرب,وعلي الفتايات تعلم التمريض وطرق الإسعافات الأولية للمساهمة بطاقتهم وجهدهم وقت الحرب
.

( السياسة)
علينا المتابعة لكل الأحداث الجارية وفتح مجالات النقاش فيها مع من حولنا وبيننا البعض كشباب عربي يجب أن يكون ملم بكل ما يحدث حوله..
سنناقش قرارات القادة والحكومات,والمجالس المحلية والنيابية,ويجب أن نذهب لمن يمثلنا من أعضاء مجلسي الشعب والشوري ونعرض عليهم أفكارنا ومقترحاتنا,حتي تستشعر الحكومات نهضتنا الفكرية وتعمل لنا ألف حساب,وتعي جيداً أننا شعوب ذكية لا يمكن التلاعب بها..
علينا انتقاء وسائل الإعلام المناسبة التي تقدم الحقيقة العارية,بموضوعية ومصداقية..
سنرصد سلبيات وسائل الإعلام,ونفضح أي وسيلة إعلام تزيف في الحقائق..
سنتعلم لغات الأعداء حتي نتقي شرورهم,فلدينا ملايين الشباب الذين يتقنون العديد من اللغات,وحتما إذا ما ساهموا من خلال مجالس شبابية في تعليم أخوانهم ومعارفهم هذه اللغات التي يتقنوها,فسيوفروا الكثير من الأموال ويشجعوا معارفهم وأهلهم,بالإضافة إلي أن ذلك نوع من تمضية أوقات الفراغ في أعمال مفيدة..
أعلم أن كل ما سبق مجرد حلم..قد يري البعض أنه مبالغ فيه,إلا أنني مقتنع تماماً أن تحقيقه أمر وارد,قابل للتحقيق,فقط يحتاج الحماس والصبروالاجتهاد..
شاركوني الرأي..عبروا معي عما بداخلكم..بل أسخروا مني إن شئتم بشرط أن تضيفوا لسخريتكم حلم بديل,سيصنع منا رجال حقيقين..
فالواقع المؤلم يا أخواني أننا نتعرض لعملية سرقة علنية لأعز ما نملك..لأوقاتنا..أنظروا وتأملوا معي كيف يمضي اليوم منا دون أن نشعر به..فما أن نستيقظ حتي ننام,دون أن نكون قد فعلنا أي جديد..
ما بين الفضائيات,والقصص المبتذلة,والألغاز التافهة,وفضائح المشاهير,والمسلسلات الهابطة,والchating علي الأنترنت,والخروج للكافيه شوب والجلوس علي المقاهي يمر اليوم كالصاروخ,ونحن مازلنا علي أوضاعنا المخزية,والمهانة تحلق فوق رؤوسنا..
في إنتظار ردودكم وإضافاتكم..
في إنتظار نشر البريد الألكتروني للتعارف والتواصل في الخطوة الأولي نحو صناعة الرجل العربي الذي تحتاج إليه الأمة..
هيا بنا نبدأ في التنفيذ,متخذين من موقع بص وطل حجر الأساس..
هيا بنا إلي الأحلام..
إذا ما كنتم تعتبرون أن صناعة الرجولة مجرد حلم لا واقع ضروري الحدوث
.
شريف عبد الهادي



مالناش فيه

في ذكرياتنا إفيهات بارزة تختزن وتلخص مواقف شهيرة للغاية حدثت لنا أو أمامنا, سواء كان ضحكنا لها أو عليها أو منها, علي غرار " حقها ولا مش حقها- متعودة دايما- مفيش فايدة- غطيني وصوتي عليّ- الله جاب الله خد الله عليه العوض" وغيرها من الإفيهات التي تمثل ذاكرة أمة بأكملها,ومواقف متشابهة تمر علينا الفرد تلو الأخر, لكن حتما ما من إفيه – علي الأقل بالنسبة لي – أشهر من تلك الجملة التي ترددها كل الألسن في كل موقف,أو نقاش,رغم أنها تعقد أكثر مما تحل..
" ماليش فيه"
جملة يقولها الأبن لوالده,والمدير لمرؤسيه,الضابط للمتهم, والبائع للزبون,حتي رئيس التحرير أصبح يرددها علي المحررين!!
وعلي الرغم من أن كل ذلك أصبح شيء عادي ومألوف,إلا أن الأمر كان مختلفاً تماماً عندما رددها لي سواق الميكروباص في لهجة غاضبة خرجت أشبه بالصراخ..
لذا دعوني أقص عليكم حكايتي مع الزمان,أقصد يعني حكايتي مع الميكروباص,التي جعلتني أتنبه وأصل إلي أمور جديرة بالاهتمام والانتباه..
مثلي مثل أي مواطن (غلبان) أنتظرت علي محطة الأتوبيس ما يزيد عن الساعة, في لهيب الشمس الحارقة وقت الظهيرة, إنتظاراً لأي حاجة نركبها والسلام,والأحلام تتناقص وتتقلص في سرعة رهيبة..
من مجرد خيال جامح شطحت فيه وأنا أتخيل أتوبيس به مقاعد خاوية تنتظرني أنا و(شلة) الشعب المطحون المنتظر معي , فنصعد في أسلوب هاديء متحضر,ويقطع لنا التذاكر (عمو الكمسري) وعلي وجهه ابتسامة رقيقة,والأغرب أن التذكرة تكون (بربع جنيه),إلي أتوبيس به نفس المقاعد الخواية مع الاستغناء عن ابتسامة الكمسري ( من غير عمو ) والتذكرة تكون ب(نص جنيه ) لأتمني في النهاية أي أتوبيس متكدس بالبشر والتذكرة بجنيه,بس المهم أرجع بيتنا يا ناس..إلا أن حتي هذا التخيل ظل بعيد المنال,أكثر من ساعة,قبل أن يعود إلينا الأمل من جديد علي يد ذلك الميكروباص ( التويوتا ) الذي ظهر من بعيد به مقعدان فقط خاويين,وذلك السائق ينادي بصوته الجهوري " رمصيااااااااص.. رمصيااااااااص" قبل أن يتطوع ولاد الحلال ويرشدونا أنه يقصد ( رمسيس ) ,وعندها تحفز الجميع بمن فيهم ذلك الرجل العجوز وتلك المرأة الحامل,حتي الموزة ذات البادي والبنتاكور أخذت وضع الاستعداد,ومعهم بالمرة العبد لله .. وكالمعتاد في قاموس حياتنا اليومية استقر بنا المقام والجميع داخل الميكروباص,بغض النظر بقي عن النوزة اللي قعدت علي حجر الست الحامل,والرجل العجوز اللي قعد هو 3 رجالة علي كرسي واحد وحوالي 4,3 متشعبطين في الميكروباص بأيديهم وجسمهم كله برة في الهواء الطلق لأننا ببساطة شديدة!!
وطبعاً كلنا نحفظ باقي الموقف عن ظهر قلب..السائق يستمر في نباحه " رمصيااااااااص.. رمصيااااااااص" رغم أنه لا مكان لذبابة بيننا,والغريب أن هناك من يستجيب له ويجري بأقصي سرعته خلف الميكروباص ليلحق به,وهو الأمر الذي استفز الرجل العجوز بشدة فصاح في السائق " يا أسطي أنا مش عارف أتنفس حرام عليك..العربية أتملت علي آخرها" إلا أن الرد كان كالمعتاد جاهز في فم السائق,وكأنه كان منتظر من زمان وقرب يحمض,ولما صدق جت الفرصة عشان يخرج إذ قال السائق" أنا ما ضربتش حد علي أيده عشان يركب معايا.. ماليش فيه يا حاج"
بعدها بفترة طلبت منه (الموزة) أن يقف بالسيارة قرب إشارة روكسي, لكنه أكمل مسيرته,وكأن الأمر لا يعنيه,رغم تأكيدها له علي الوقوف الذي تحول إلي صراخ , أجاب عليه ببرودً " الظابط كان واقف يا أنسة" ليأتي عليها الدور في ذكر نفس الإفيه الشهير بعصبية شديدة " ماليش فيه"كل هذا يحدث والعبد لله بيموت من الغيظ وحرقة الدم,لكن لا مانع من بعد الصبر, و" عديها الناس لبعضيها " حتي صاح فينا السائق بصوته الكريه
" الأجرة يا حضرات" وعندما أخرج كل منا 75 قرشاً من جيبه,فوجئنا بالسائق يصرخ بعنف صارم " الأجرة بجنيه يا حضرات",وهنا كان لابد أن أخرج عن صمتي,وأصبح المتحدث الرسمي باسم السادة الركاب,وأنا أتسائل في استنكر " أزاي يعني يا أسطي..طول عمرنا بنركب ب 75 قرش..بتاع أيه يعني تاخد جنيه؟" فإذا بالرد جاهز سلفاً,وكأنه أيضاً كان ينتظر أن يناقشه أحد, ليخرج بسرعة قبل أن يحمض إذ قال " ماليش فيه..أبقي روح أسأل الحكومة " فسألته بعصبية شديدة " أسألها عن أيه عن جشعك وطمعك..خلوا عندكم رحمة بقي..وبعدين أنا صحفي علي فكرة ومش هسكت عن اللي بيحصل ده" وهنا شاركني الجميع الحماس والاندفاع ليخرجوا اللي في نفسهم وكأنني أقود مظاهرة عصماء ضد طاغية العصر, قبل أن يضغط السائق علي الفرامل فجأة صارخاً فينا
" البنزين سعره غلي يا بني أدمين وإحنا مش هندفع الفرق من جيبنا للشعب يا عم الصحفي.. أنا ماليش فيييييييه" ثم اكتست نبرته بالحزن وهو يقول " السكر غلي من 180 قرش لـ 3 جنيه في ظرف شهور قليلة..حد اتكلم..حد فتح بقه؟" فتابع الرجل العجوز
" وبيقولوا لسه احتمال يغلي كمان ويوصل لـ 7 جنيه يابني" وبدأت الدفة تتحول عليّ إذ قالت أمرأة عجوز " يعني هي جت علي السكر والبنزين بس؟ ما عندك الخضار والفاكهة,واللحمة,وحتي الفراخ اللي جالها أنفلونزا غليت عندنا والبيض كمان غلي علي حسها ووصلت البيضة ل 75 قرش ..ده علي أيامنا ال75 قرش دول كانوا يفتحوا بيت" بينما قالت السيدة الحامل " حتي العيش أبو شلن اللي قالوا أنه مدعم بقي يخلص في الأفران قبل ما يتعمل,ولو لحقنا رغيفين تلاتة بالعافية يطلعوا صغيرين,ومتبهدلين بالتراب والمسامير كأنهم اتاكلوا قبل كده,وأترموا في الزبالة" ثم اشترك معنا موظف يحمل بطيخة في يده,وقال في غيظ " ده حتي أسعار الدروس الخصوصية غليت,وبقينا مش ملاحقين علي مصاريف العيال "
فوجدتني رغم عني أسرح بخيالي بعيداً عن الميكروباص وما يقال فيه وأنا استرجع ما قرأت وما درست عندما بدء الرئيس السادات مرحلة التحول من الرأسمالية المخططة إلى رأسمالية السوق المفتوح ,وبشر المصريين بأنهار السمن والعسل وانتهاء عصر الجمعيات التعاونية الاستهلاكية وبطاقات التموين رمز الشيوعية المقيته ووصف أحمد فؤاد نجم عصر الانفتاح " بأن التليفزيون هيلوّن ( اى يتحول من نظام الأبيض والأسود إلى الألوان ) والجمعيات تتكون ( مثل جمعيات رجال الأعمال ) والعربيات هتموّن بدل البنزين برفان ( دليل الرفاهية ) حتي وصل بنا الحال إلي أن قذف المصريين ببطاقاتهم التموينية إلى الدواليب لأننا وبفضل الجهود الحكومية انتهينا من ظلمات عصر البطاقات التموينية وطوابير الجمعيات الاستهلاكية وانتقلنا إلى بهجة عصر السوبر ماركت الذى تباع فيه كل السلع ولكن بأسعار تفوق طاقة الملايين من المصريين !!
ثم جاءت الحكومات الحالية واعتبرت أن الانفتاح كان سداح مداح وهو يحتاج إلى ترشيد وإننا بحاجة إلى إصلاح اقتصادي للتوجه الرأسمالي نحو اقتصاد السوق وسلمت الحكومة القيادة الاقتصادية لصندوق النقد الدولى والبنك الدولى وراحت الحكومات المتعاقبة تنفذ توصيات المنظمات الدولية,حتي نصل لبر الأمان, فتم بيع القطاع العام وتصفيته وتم تعويم سعر الصرف للجنيه المصري وتخلت الحكومة عن تعيين الخريجين ولجأت إلى الاقتراض من الخارج والداخل لتمويل مشروعات البنية الأساسية التى تجاوزت قيمتها 250 مليار جنيه.وتواكب مع الإصلاح دعوات لإلغاء الدعم السلعى وتقليص المبالغ المخصصة له في الموازنة العامة وقالوا لنا " ما تخافوش يا جماعة..كله تمام..مصر بخير" ثم بثوا في أنفسنا الطمأنينة عندما أكدوا أن محدودي الدخل سيتضررون في المدى القصيرفقط ولكن السوق سيتوازن من تلقاء نفسه وتتحسن أوضاعهم على المدى الطويل و تمت الخصخصة وعام الجنيه المصري لغاية ما غرق وتحولت الصحة والتعليم إلى سلع لايتعامل معها إلا من يملك الفلوس فقط وانتشرت الدروس الخصوصية والجامعات الأهلية والمستشفيات الخاصة وتقلصت مخصصات الدعم واغلقت العديد من المجمعات الاستهلاكية,وانتهي الأمر بطرد المذيعة نيرفانا من ( البيت بيتك ) عندما قالت أن هناك رسالة وصلتها تقول أن البنزين سعره هيغلي,وتم التشويش علي الأمر,وفي النهاية طلع كلامها صح,مما يدل إن في ناس عندنا في بلدنا بتعرف بواطن الأمور,وتعرف القرارات قبل عامة الشعب بفترة كبيرة , و...
" ما ترد علينا يا عم الصحفي .. فين الصحافة قصاد اللي بيحصل فينا ده؟ ما حدش بيكتب ليه؟ " لأجد نفسي أهرش رأسي ( لأني مش لاقي حاجة تانية أعملها) قبل أن تنتصب قامتي في شموخ وأصيح بشجاعة بالغة " علي جنب يا أسطي " وما أن خرجت من الميكروباص والأعين كلها تحملق في وجهي,وجدت لساني يردد رغماً عني بهمس خافت" ماليش فيه"

صحفيين للبيع

زى ما قال الكاتب الكبير فهمى هويدى .. الصحافة مليانة بصحفيين للبيع

تفتكر العيب علي مين؟؟
علي الصحفي و لا علي مهنة الصحافة نفسها اللي بقت ما تأكلش عيش؟ ..
خلينا نعترف دلوقت إن حال الصحفيين ما يسرش عدو و لا حبيب, خصوصا لو كنت صحفي كل مهمتك تجمع المعلومات و يطلع عينك عشان توصل لخبر جديد و يوصل مرتبك في حدود 700, 800 جنيه ضايع أكتر من تلات تربعهم فى الاتصالات والمواصلات و تلاقي زميلك مندوب الإعلانات اللي بيدخل علي مسئولين الدعاية و الإعلان في الشركات و يقعد في التكييف و يشرب العصير و يقنعهم بالإعلان اللي بيدفعوا فيه الشيء الفلاني و ياخد نسبته اللي بتوصل ل20 أو 30 % و يوصل دخله الشهري لحدود 20 , 30 ألف جنيه!!
يمكن ده اللي خلي الصحفي يقتنع بسبوبة الإعلانات اللي بتأكل بقلاوة من غير تعب و لا مجهود , فتحولت معظم المقالات و الموضوعات التحريرية لإعلانات صريحة يقع ضحيتها القاريء العادي اللي بيقري الخبر أو المقال أو الموضوع و يفتكر إن اسم السلعة ده شيء رسمي موثوق فيه فيقبل عليها بغض النظر إن كانت تستاهل و لا لأ, بس كل ده مش مهم , المهم إن الصحفي يهبرله هبرة محترمة, عشان كده كان لازم وقفة مع كبار الصحفيين اللي نزلنا دردشنا معاهم و عرفنا منهم رأيهم في هذه الظاهرة اللي مش و لا بد..
نزلنا جولة في أحد المؤسسات القومية و اتكلمنا مع زمايلنا الصحفيين اللي طبعا ما ينفعش نكتب اسمائهم عشان ما نقطعش عيشهم, خصوصا إنهم قالوا إن أحد رؤساء التحرير قاللهم بالفم المليان " الصحفي اللي مش هيجيب إعلان مع موضوعه مش هنشرله الموضوع" و رئيسة تحرير تانية مرة دخلت الاجتماع زعلانة و مكشرة و قالت للمحررين " المجلة مبقتش تجيب فلوس, عايزاكوا تنزلوا تجيبوا إعلانات بأي شكل من الأشكال و اللي مش هيجيب إعلانات هيتعاقب" و طبعا عرفنا منهم إن فيه صحفيين كتير سابوا الصحافة و اشتغلوا في الإعلانات عشان المكسب رغم إن نقابة الصحفيين بتمنع ده و بتعاقب عليه لكن للأسف القانون لا يطبق في معظم الأحوال, أما أستاذ مصطفي بكري رئيس تحرير جريدة الأسبوع قال " عيب أوي علي الصحفي إنه يخلط بين الإعلان و العلام و يخدع القاريء اللي بيثق فيه عشان الفلوس مهما كان المبلغ , و لو المحرر حسبها كويس هيعرف إنه لو شد حيله في الصحافة ربنا هيوفقه و هيحصل علي مبلغ كويس , و حتي لو مش نفس مكسب الإعلانات كفاية عليه مميزات تانية زي إنه بيكون محبوب من قرائه و ليه اسمه و سمعته و أجره عند ربنا علي كل كلمة حق بيقولها " أما أستاذ مجدي الجلاد رئيس تحرير المصري اليوم قال " في فجوة بين المحرر الصحفي الذي يتقاضي مبلغ مالي و بين مندوب الإعلانات الذي يصل دخله إلي الافات عشان كده بيلجأ الصحفيين للتدليس علي القاريء بخلط الإعلان بالمادة التحريرية فيتقبلها القاريء كأنها معلومة موثوق فيها , و الصحفي في هذه الحالة يمتهن كرامته و يقدم تنازلات عديدة بذهابه إلي مديرين الشركات ليأخذ منهم إعلانات فينظرون له نظرة خالية من الإحترام و يري دكتور كمال القاضي استاذ الدعاية بقسم الإعلام بجامعة حلوان أن الاعلان اصبح شرلا بد منه لاستمرار الصحيفه في الصدور وضمان بقائها لأن الاعلان من الممكن ان يؤثرسلبا على المضمون الصحفي والحياد الصحفي ويطغى على اخلاقيات المهنه بحيث قد تضطر بعض الصحف الى عدم مهاجمة جهات او شركات او هيئات بسبب الاعلان الصحفي
ولكن هذا الامر غير مقتصر على الصحافة المصريه فقط بل هو منتشر على مستوى صحف العالم ولن تستطيع الصحف التخلص من سطوة الاعلان بشكل قاطع ؛وتزداد الامور خطورة عندما يتحول الصحفي الى كاتب ومعلن لجهة ما بشكل تحريري ومحتوى اعلاني مقابل اموال او هدايا او سفر لاى جهة في العالم على حساب تلك الجهة, ده غير مندوبين الصحف في الوزارات زي مثلا وزارة السياحة و الثقافة و غيرهم من الوزارات و مهمة المندوبين إنهم يجيبوا أخبار هذه الوزارات لكن اللي بيحصل هو العكس, و بقت الوزارات هي اللي مشغلاهم مندوبين ليها في الصحف و بتحددلهم الأخبار الحلوة اللي يكتبوها و خصوصا أخبار المسئولين الكبار و الشخصيات المهم في مقابل أجر مادي يتقاضوه من هذه الوزارات
و يقول الصحفي صلاح عيسي " ان ما يحدث لدي الصحفيين مندوبين الوزارات كارثة حقيقة ..فرغم ان قانون تنظيم الصحافة رقم 96 لسنة 1996 يحظر علي الصحفي العمل في الإعلانات أو جلبها أو تحديدها أو كتابة أي موضوعات تحريرية يتقاضي عليها الصحفي اجرا إلا أن هناك خطا فظيع يحدث في مهنة الصحافة حيث ان هناك مدرسة في الصحافة منذ عدة سنوات تعتبر الصحفي الذي يعمل في جلب الإعلانات في الصحيفة رجلا محبا للصحيفة و للمهنة و من هنا وجدنا صحفيين يعملون مندوبين للوزارات في الصحف بدلا من أن يكونوا مندوبين للصحف في الوزارات و من هنا ظهرت المقالات الإعلانية و الصفحات المتخصصة التي أري إنها كارثة لأنها تسببت في وجود صحفيين بلا ضميرر .. كذلك الحال بالنسبة لوزارة الثقافة التي ترسل كل شهر مظروف به مرتب ثابت لبعض المندوبين في الصحف المسئولين عن متابعة أخبارها, مقابل نشر أخبار جيدة عن الوزارة و تحسين صورتها, و نفس الحال كان يحدث في وزارة السياحة.

الاثنين، ٥ مارس ٢٠٠٧

فبركة



المقالة الافتتاحية يا جدعان


كل ما أفتكر كلام عادل إمام فى ذلك المشهد العبقرى فى فيلم عمارة يعقوبيان لما قالت له هند صبرى بقلق وتوتر وطى صوتك يا باشا الناس بتبص علينا " فيرد عليها بعصبية وحرقة ( أجزم أنها خرجت من القلب وكأنها بلسان عادل إمام نفسه وشخصيته الحقيقية ) عندما صرخ وقال" يبصوا عليا أنا ليه.. يبصوا ع العماير اللى كانت أحسن من عمارات أوربا ..دلوقت بقت مزابل من فوق ومن تحت بقت مسخ..إحنا فى زمن المسخ" عندها اشتعلت صالة العرض بالتصفيق الحار " رغم تفاوت المستوى الثقافى والاخلاقى للجمهور , ورغم إن منهم اللى ما يعرفش يعنى أيه كلمة " مسخ " من أساسه،لكن اللى بيخرج من القلب بيوصل للقلب على طول،ورغم إن فى ناس كتير مش عارفة يعنى أيه " مسخ " لكن على الأقل حاسين بيها على أرض الواقع المخصية ..
فعلا إحنا فى زمن المسخ..زمن الفبركة..زمن الحوارات والحوارتجية..وبما إن العبد لله "واحد من الناس زى كل الناس .. ناس عايشة بتجرى وشقيانة وآهى عايشة وخلاص..مستورة مادام بابنا علينا مقفول بالترباس "
وبما إن العبد لله مشروع صحفى فى زمن مفيهوش صحافة،ومعد فى التليفزيون اللى بقت أكتر حاجة تفدنا فيه وتوصل رسالة إعلامية هادفة هى أفلام الكارتون ..
قررت أفبرك على حضراتكم واقول كل اللى فى نفسى ونفسكم ..
مع فارق بسيط جدا ..
انى هفبرك بعلمكم ومزاجكم واسيب الكل يفبرك براحته ويقول كل اللى على كيفه وانا واثق اننا هنستفاد ونتعلم من الفبركة..لانها فبركة واقعية !!
فبركة خارجة من انسان طول عمره بيفبرك ( غصب عنه ) بعد أن أكتشفت إن الفبركة هى الشيء الوحيد اللى بنعمله بضمير!!
اوعدكم انى مش هفبرك عليكم واخدعكم بحجة إن الإعلام رسالة مقدسة،وإن المضمون لازم يكون مفيد ومهم,وعلى حس الرسالة المقدسة أفضل أحط وأرص كام كلمة مجعلصة على كام احصائية مضروبة من باحث ضرب البيانات وهو قاعد ع القهوة من غير ما ينزل للمبحوثين ويسألهم بصدق,وفى الآخر يطلع احصائية خايبانة تضلل الناس, وافضل ارغى واعيد وازيد فى كلام فارغ وشعارات قديمة الناس خلاص حفظتها،وبقت تكررها على سبيل إنها نكتة ، أو إفيه !!
اوعدكم انى مش هدس السم فى العسل عشان اضلل الناس مش لأنى عندى ضمير،وأمانة ، لكن لأن الناس خلاص مبقتش عبيطة,والعيل الصغير بقى عارف " الكفت " زى ما بيقولوا , واللى يفكر يضحك ع الناس ويشتغلهم , بقوا يشتغلوه ويعملوا نفسهم مقتنعين ومصدقين , ويفضلوا يضحكوا فى سرهم وعلانيتهم ، ويفضل هو الوحيد اللى عبيط !!
أوعدكم إنى مش هطبل وأزغرت للحكومة ، وسياساتها الحكيمة , وقراراتها الرصينة ، وأبشركم ببشرى لن تتحقق,ونبؤات لن تهبط يوماً من السماء على أرض الواقع .
كل اللى هعمله إنى هفبرك عليكم,واشتغلكم .. بس بمزاجكم بدل ما غيرى بيفبرك علينا ويتشغلنا غصب عنا..ما هى فبركة بفبركة بقى, ويانا يا القراء فى أم المدونة دى بقى ..