همس .. التعبانين

همس .. التعبانين

الخميس، ٢٦ يوليو ٢٠١٢

متى يدرك الجمهور أنه النجم الحقيقى لمسلسلات رمضان؟


متى يدرك الجمهور أنه النجم الحقيقى لمسلسلات رمضان؟



حوالى مليار و700 مليون جنيه هى قيمة ميزانية مسلسلات رمضان، التى ذهب أكثر من نصفها لجيوب النجوم، فهل تدرك أن الشخص الذى يدفع كل هذه الأجور هو أنت؟!

صحيح أن النجوم يأتون إليك فى بيتك مجانا، دون أن يتقاضوا "فيزيتا" كشف مثل الطبيب، أو "أوبـيـج" نظير المعاينة والتصليح مثل السباك والكهربائى، لكنك لو دققت فى النقاط التالية ستدرك أنك أول من يدفع فاتورتهم الباهظة:

1-  أنت الذى يدفع وقته "الثمين" أمام التلفاز لمتابعة كل هذا الكم الهائل من المسلسلات، ومع كل دقيقة تمضى فى متابعة مسلسل، تفقد 60 ثانية من عمرك كان فى إمكانك استغلالها فى إنجاز اشياء أخرى، خاصة أن كل الأمم المتقدمة تقول "Time is money" أو "الوقت هو النقود"، لكن فى حقيقة الأمر الوقت أغلى من النقود نفسها، إذ يمكن تعويض النقود مهما كانت، بينما لا توجد قوى فى الكون كله يمكنها أن تعيد إليك لحظة فاتت من عمرك بلا ثمن

2-  تتخلل مسلسلات رمضان فواصل إعلانية لا حصر لها عن ألاف السلع والمنتجات التى تقوم بعملية "غسيل مخ" لكل أفراد الأسرة فى شهر رمضان الكريم الذى حولناه بعاداتنا الدخيلة وسلوكياتنا الخاطئة لأكبر شهر استهلاكى على مدار أعوام السنة، وبدون نقودك التى تنفقها على شراء هذه السلع والمنتجات، ووقتك الذى تمنحه لمشاهدة نجوم كل دورهم أن يبقوك من خلال فنهم أمام التلفاز فى الفواصل الإعلانية لـ "مسمرتك" أمام كل هذا الكم الممل من الإعلانات، لما أصبح لهذه المسلسلات وهؤلاء النجوم أى ثمن يذكر!

3-  أى قمر صناعى يمكنه قياس عدد أجهزة "الريسيفر" الموجودة على كل تردد تابع لأى قناة، بمعنى أنك فى كل لحظة يمكنك معرفة عدد أجهزة "الريسيفر" التى تتابع القناة الفلانية الآن، وملاحظة المحتوى الذى تقدمه هذه القناة، وبالتالى معرفة أكثر المسلسلات التى تحقق اعلى نسبة مشاهدة، وبالتالى أكثر النجوم نجاحا، وبالتالى ضغطة واحدة على الريموت من المشاهد "اللى هو حضرتك" هى التى تحدد سعر النجم ومدى الإقبال الجماهيرى عليه

4-  موقع الـ"يوتيوب" وباقى المواقع التى ترفع مسلسلات رمضان على شبكة الإنترنت، ترصد نسب مشاهدة وتحميل كل حلقة، وبالمثل يترتب على ذلك معرفة أكثر المسلسلات مشاهدة، وأنجح النجوم فى جذب الجمهور "اللى هو حضراتكم"، لتحديد كم الإعلانات القادر كل نجم على جذبها لمسلسله، ومنها تحديد سعره فى السوق

5-  الدراما صناعة مثلها مثل باقى الصناعات، قائمة على تعدد السلع المتنافسة، ومن حقك أن تقاطع السلعة الرديئة التى لا تناسب الاستهلاك الأدمى، وتقدم للـ "زبون" الفائدة التى يبحث عنها، مما يزيد من قوة التنافس بين المنتجين للعمل على إرضائك وتحقيق كل أمالك وتوقعاتك فى هذه السلعة، بما يعود عليك فى النهاية بالنفع، بينما يتم اجتثاث باقى السلع المعيبة بعيوب التصنيع من جذورها وإلغائها من قائمة الطلبات.

أنت إذن النجم "الأصلى"، الذى صنع كل هؤلاء النجوم "التقليد" بعمره وماله، وحالما انتبهت لذلك ستدرك أنهم هم الذين يدورون فى فلكك، حتى يأفل نجمهم ويخبو بريقه، ليرحلون ويأتى غيرهم.

أنت أصل الأشياء، وهم التوابع الذين جاءوا من أجلك، وبدونك يصبحون صفر على الشمال، فلا تفرط فى وقتك أو تتفنن فى إضاعته أمام كل من هب ودب، ثم تندب وتتحسر على حظك العاثر فى بلد ظالم يمنح ملياراته وملايينه لوسط فنى تصفه بأقظع الأوصاف، ثم تستعبد نفسك أمام أعماله الفنية وتجلس أمامها مسلوب الإرادة صانعا بعبوديتك ثمنا لكل هؤلاء.

وفى النهاية ليس العيب على نجم يتقاضى 10، أو 20، أو 30 مليون جنيه طالما أنه يعرف أن المنتج الذى سيدفع له كل هذا المبلغ سيجنى من ورائه أضعافا مضاعفة من المكاسب والأرباح التى تأتى من قنوات تدفع ثمنها من إعلانات تروج لسلع وخدمات أنت الذى يدفع ثمنها من جيبه فى النهاية، وإنما العيب كل العيب على مشاهد يتابع أعمالا هابطة لنجوم من ورق، ثم يحقد على عيشتهم وأجورهم "المليونية" التى حصلوا عليها من خلاله، دون أن يدرك أنه النجم الحقيقى فى مسلسل الحياة، وباقى الفنانين هم المشاهدين!

ليست هناك تعليقات: