لهذه الأسباب أقول رحمة الله على عمر سليمان
عندما حضرت الحجاج بن يوسف الثقفي الوفاة، وهو أشهر طغاة التاريخ الإسلامى، وقاذف الكعبة المكرمة بالمنجنيق – حسب بعض الروايات - وقاتل ومعذب المؤمنين المعارضين وعلى رأسهم عبدالله بن الزبير، بالإضافة إ لى قتل 120 ألف قتيل، ورغم ذلك أوصى عند وفاته أن يعلم الناس أنهُ يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله، وقال: "يارب أغفر لي فإن الناس يزعمون أنك لا تفعل"، وتمثل عند احتضاره بهذين البيتين:
يا رب قد حلف الأعداء واجتهدوا أيمانهم أنني من ساكني النار
أيحلفون على عمياء ويحهم ما ظنهم بعظيم العفو غفار
فلما وصلت آخر كلماته إلى عمر بن عبدالعزيز خامس الخلفاء الراشدين، وأكثر الرموز الإسلامية عدلا وورعا وإيمانا، أبدى عمر بن عبدالعزيز دهشته وقال أن الله تعالى قد يتقبل منه، رغم أن هناك رواية قد نسبت لعمر بن عبدالعزيز قال فيها :" لو جاءت كل أمة بخبيثها وجئنا بالحجاج لغلبناهم" ورغم ذلك لم يستنكر عمر أن تدرك رحمة الله الحجاج بن يوسف الثقفى رغم الخصومة الشديدة بينهما، لأن الحساب عند الله وحده.
ورغم العداوة الشديدة أيضا بين الإمام الحسن البصرى أحد أشهر الأئمة التابعين، وبين الحجاج حتى أن البصرى قال عنه ذات يوم: "إن الحجاج عذاب الله، فلا تدفعوا عذاب الله بأيديكم، و لكن عليكم بالاستكانة والتضرع"، إلا أن الحسن البصرى قد غضب غضبا شديدا حين سب أحد تلامذته الحجاج بعد وفاته، وقال له البصرى: "يا ابن أخي فقد مضى الحجاج إلى ربه ، و إنك حين تقدم على الله ستجد إن أحقر ذنبٍ ارتكبته في الدنيا أشد على نفسك من أعظم ذنبٍ اجترحه الحجاج ، و لكل منكما يومئذٍ شأن يغنيه ، و اعلم يا ابن أخي أن الله عز وجل سوف يقتص من الحجاج لمن ظلمهم ، كما سيقتص للحجاج ممن ظلموه فلا تشغلن نفسك بعد اليوم بسب أحد".
والآن فى ظل ما سبق، تعالوا نعيد قراءة المشهد الحالى لوفاة اللواء عمر سليمان، ورفض البعض للترحم عليه أو المشاركة فى صلاة الجنازة على جثمانه، بإعتباره كان طاغية وقاتلا وحليفا لليهود وغيرها من الأوصاف والاتهامات:
1- معظم الشبهات التى تحوم حول الرجل، مبنية على الظن، وأعترف أن بعضها يستريح له العقل خاصة فيما يتعلق بموقعة الجمل، وتصريحاته المستفزة حين ترشح لرئاسة الجمهورية مؤكدا أنه قبل دعوات المواطنين له للترشح حتى ينزع "العمامة" عن مصر، لكن فى النهاية فإن أغلب هذه الظنون غير مؤكد بأدلة دامغة تقطع الشك باليقين، ولا تنسوا أيضاً طبيعة عمل المخابرات السرية، وألاف التفاصيل والصفقات التى تحدث فى هذا العالم دون أن تصل إلى إدراكنا أو نحيط بها علما، وربما لو أطلعنا عليها لتغيرت الصورة 180 درجة .
2- لو صحت كل الاتهامات الموجهة لعمر سليمان، فليس من حقنا أيضا أن نفتى بعدم جواز الصلاة عليه أو عدم الترحم على روحه، بإعتباره متوفيا مسلما صار الآن فى ذمة الله الحكم العدل، المسئول وحده على حساب المخلوقات والوحيد القادر على النظر فى ضمائرهم ونواياهم ليحكم حكما عادلا وقاطعا فيما نحن فيه مختلفون، دون الحاجة لتأجيل ونقض واستئناف وطعن، ومن لا يستطع أن يترحم فعلى الأقل يمكنه ان يقول "عليه من الله ما يستحق"، دون سبه ولعنه وهو فى ذمة الله، فكيف يتأله البعض وينازع الله فى حكمه وحسابه، فيدخل هذا الجنة، ويلقى هذا فى النار؟!
3- إذا كنا نتجادل فى متوفى غادر دنيانا وذهب إلى دار الحق، فلازالت الدنيا ممتدة بنا ولا أحد فينا يجروء على التنبوء بخاتمته، وكم من طاغية هداه الله فلم يقبضه إلا وهو من المؤمنين الموعودين، وكم من مؤمن ورع عالم فى الدين أضله الله فأصبح مثل الكلب يلهث ومات على الكفر والضلال مع الملعونين، ولنتذكر دعاء الرسول الكريم حين قال: "اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك، اللهم يا مصرف القلوب صرف قلبي على طاعتك".
4- من استطاع أن يحصر خطايا عمر سليمان، هل يستطيع أن يحصر إيجابياته التى تظل طى الكتمان فى عالم المخابرات الذى يموت رجاله ومعهم اسرارهم دون أن يحظوا بالشهرة على إنجازاتهم الخفية؟ هل يستطيع ان يحصر عدد الخيرات التى قام بها من تبرع وصدقات وغيرها من المحاسن التى لا يعلمها إلا الله؟
ليس الأمر دفاعا عن عمر سليمان، بقدر ما هو دفاعا عن إنسانيتنا، ورحمة قلوبنا، وصفاء ضمائرنا، فى وقت عصيب ضربت فيه موجات الكراهية والغل والضغينة كافة أرجاء المجتمع لتصيبه بالجنون!
ومثلما اعترضت على ترشيح عمر سليمان لرئاسة الجمهورية وهو على قيد الحياة، وهتفت ضده فى الميدان خلال الثمانية عشر يوما فى ثورة 25 يناير، ومثلما أترحم فى صلاتى ودعائى على جميع موتانا الذين أعرفهم ولا أعرفهم، من الأهل والأصدقاء والشهداء، فلن استثنى من دعائى عمر سليمان بعد أن توفاه الله، أو أضعه فى خانة قد أشاركه فيها يوما، أو استبعده من رحمة لا أملك أن أعطيها أو أمنعها، فاللهم أرحم الجميع برحمتك بحق شهرك الكريم المبارك، ومنهم عبدك عمر سليمان، ولتحاسبنا كما ترى فأنت وحدك الإله، ونحن العبيد.
عندما حضرت الحجاج بن يوسف الثقفي الوفاة، وهو أشهر طغاة التاريخ الإسلامى، وقاذف الكعبة المكرمة بالمنجنيق – حسب بعض الروايات - وقاتل ومعذب المؤمنين المعارضين وعلى رأسهم عبدالله بن الزبير، بالإضافة إ لى قتل 120 ألف قتيل، ورغم ذلك أوصى عند وفاته أن يعلم الناس أنهُ يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله، وقال: "يارب أغفر لي فإن الناس يزعمون أنك لا تفعل"، وتمثل عند احتضاره بهذين البيتين:
يا رب قد حلف الأعداء واجتهدوا أيمانهم أنني من ساكني النار
أيحلفون على عمياء ويحهم ما ظنهم بعظيم العفو غفار
فلما وصلت آخر كلماته إلى عمر بن عبدالعزيز خامس الخلفاء الراشدين، وأكثر الرموز الإسلامية عدلا وورعا وإيمانا، أبدى عمر بن عبدالعزيز دهشته وقال أن الله تعالى قد يتقبل منه، رغم أن هناك رواية قد نسبت لعمر بن عبدالعزيز قال فيها :" لو جاءت كل أمة بخبيثها وجئنا بالحجاج لغلبناهم" ورغم ذلك لم يستنكر عمر أن تدرك رحمة الله الحجاج بن يوسف الثقفى رغم الخصومة الشديدة بينهما، لأن الحساب عند الله وحده.
ورغم العداوة الشديدة أيضا بين الإمام الحسن البصرى أحد أشهر الأئمة التابعين، وبين الحجاج حتى أن البصرى قال عنه ذات يوم: "إن الحجاج عذاب الله، فلا تدفعوا عذاب الله بأيديكم، و لكن عليكم بالاستكانة والتضرع"، إلا أن الحسن البصرى قد غضب غضبا شديدا حين سب أحد تلامذته الحجاج بعد وفاته، وقال له البصرى: "يا ابن أخي فقد مضى الحجاج إلى ربه ، و إنك حين تقدم على الله ستجد إن أحقر ذنبٍ ارتكبته في الدنيا أشد على نفسك من أعظم ذنبٍ اجترحه الحجاج ، و لكل منكما يومئذٍ شأن يغنيه ، و اعلم يا ابن أخي أن الله عز وجل سوف يقتص من الحجاج لمن ظلمهم ، كما سيقتص للحجاج ممن ظلموه فلا تشغلن نفسك بعد اليوم بسب أحد".
والآن فى ظل ما سبق، تعالوا نعيد قراءة المشهد الحالى لوفاة اللواء عمر سليمان، ورفض البعض للترحم عليه أو المشاركة فى صلاة الجنازة على جثمانه، بإعتباره كان طاغية وقاتلا وحليفا لليهود وغيرها من الأوصاف والاتهامات:
1- معظم الشبهات التى تحوم حول الرجل، مبنية على الظن، وأعترف أن بعضها يستريح له العقل خاصة فيما يتعلق بموقعة الجمل، وتصريحاته المستفزة حين ترشح لرئاسة الجمهورية مؤكدا أنه قبل دعوات المواطنين له للترشح حتى ينزع "العمامة" عن مصر، لكن فى النهاية فإن أغلب هذه الظنون غير مؤكد بأدلة دامغة تقطع الشك باليقين، ولا تنسوا أيضاً طبيعة عمل المخابرات السرية، وألاف التفاصيل والصفقات التى تحدث فى هذا العالم دون أن تصل إلى إدراكنا أو نحيط بها علما، وربما لو أطلعنا عليها لتغيرت الصورة 180 درجة .
2- لو صحت كل الاتهامات الموجهة لعمر سليمان، فليس من حقنا أيضا أن نفتى بعدم جواز الصلاة عليه أو عدم الترحم على روحه، بإعتباره متوفيا مسلما صار الآن فى ذمة الله الحكم العدل، المسئول وحده على حساب المخلوقات والوحيد القادر على النظر فى ضمائرهم ونواياهم ليحكم حكما عادلا وقاطعا فيما نحن فيه مختلفون، دون الحاجة لتأجيل ونقض واستئناف وطعن، ومن لا يستطع أن يترحم فعلى الأقل يمكنه ان يقول "عليه من الله ما يستحق"، دون سبه ولعنه وهو فى ذمة الله، فكيف يتأله البعض وينازع الله فى حكمه وحسابه، فيدخل هذا الجنة، ويلقى هذا فى النار؟!
3- إذا كنا نتجادل فى متوفى غادر دنيانا وذهب إلى دار الحق، فلازالت الدنيا ممتدة بنا ولا أحد فينا يجروء على التنبوء بخاتمته، وكم من طاغية هداه الله فلم يقبضه إلا وهو من المؤمنين الموعودين، وكم من مؤمن ورع عالم فى الدين أضله الله فأصبح مثل الكلب يلهث ومات على الكفر والضلال مع الملعونين، ولنتذكر دعاء الرسول الكريم حين قال: "اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك، اللهم يا مصرف القلوب صرف قلبي على طاعتك".
4- من استطاع أن يحصر خطايا عمر سليمان، هل يستطيع أن يحصر إيجابياته التى تظل طى الكتمان فى عالم المخابرات الذى يموت رجاله ومعهم اسرارهم دون أن يحظوا بالشهرة على إنجازاتهم الخفية؟ هل يستطيع ان يحصر عدد الخيرات التى قام بها من تبرع وصدقات وغيرها من المحاسن التى لا يعلمها إلا الله؟
ليس الأمر دفاعا عن عمر سليمان، بقدر ما هو دفاعا عن إنسانيتنا، ورحمة قلوبنا، وصفاء ضمائرنا، فى وقت عصيب ضربت فيه موجات الكراهية والغل والضغينة كافة أرجاء المجتمع لتصيبه بالجنون!
ومثلما اعترضت على ترشيح عمر سليمان لرئاسة الجمهورية وهو على قيد الحياة، وهتفت ضده فى الميدان خلال الثمانية عشر يوما فى ثورة 25 يناير، ومثلما أترحم فى صلاتى ودعائى على جميع موتانا الذين أعرفهم ولا أعرفهم، من الأهل والأصدقاء والشهداء، فلن استثنى من دعائى عمر سليمان بعد أن توفاه الله، أو أضعه فى خانة قد أشاركه فيها يوما، أو استبعده من رحمة لا أملك أن أعطيها أو أمنعها، فاللهم أرحم الجميع برحمتك بحق شهرك الكريم المبارك، ومنهم عبدك عمر سليمان، ولتحاسبنا كما ترى فأنت وحدك الإله، ونحن العبيد.
هناك تعليق واحد:
عمر سليمان افضل منك
إرسال تعليق